Thursday, September 27, 2012

خمرة الوهم

---
يشغلني وطن بأكمله ويسكنني هم قديم صنعه الأمناء على مستقبلي، لا تشغلني المعارك المجهرية بين أشباه الأشياء التي عشت حقيقتها ولا أتوقف عند قيل وقال، فلا “قيل” يثري ولا “قال” يرتوي، فهم مثل “الدردور” يسحبنا نحو هلاكنا ونحن ساهون
أمامي سلسلة حانات مفتوحة في وطن يحرِّم كل أنواع الخمر ما عدا “خمرة” الوهم التي تباع في القطاعين العام والخاص، الحكومة تسوق منتجات دولة القانون وخطط التنمية، والمعارضة توزع “أنخاب” فاقد الشيء لا يعطيه
نحن نعيش تحت تأثير “خمرة الوهم” بعضنا أفاق منها والبعض لا زال يصدق أن الحل يأتي من أعداء الدستور التاريخيين وملوك الطوائف وخرافات النقاء العرقي ومحامي الدفاع عن الفساد والإفساد، وأيضاً نحن نعيش على حقيقة ساطعة نراها مع إشراقة كل يوم وهي أن وطني مشلول لا يقوى على الحركة ولا يجد من يساعده على النهوض
أي معركة غير معركة النهوض والانطلاق، تلك التي تستحق أن نقول “انتصرنا” فيها؟ أي نصر هذا؟ وشمالنا يبتر يميننا وفوقنا يهدم أساسنا؟ ما هذا الجنون الذي نعيشه تحت تأثير “خمرة الوهم”
إن همي غير همكم وحلمي لا يلامس أحلامكم، ترون الحل على هيئة واحدة لا تخرج عن صورة فريق يسود فوق كل الفرق، وأراه لا يكتمل بغير التوازن والتراحم والنقد الإيجابي الذي يؤسس للإصلاح والتصحيح
معركتي لا معارك تصفية الخصوم واقتلاع الطوائف، هي معركة البناء التي لا يعرف طريقها محدودو الفكر والرؤية والإمكانات، ولا يدرك مراميها من يرى أن كل ما حوله شيء مؤقت قابل للتلاشي!
وطني ليس انتخابات وسياسة فقط، وطني هو جاسم يعقوب الذي أريد أن أرى أمثاله، وجامعة الكويت التي أريدها أن تعود إلى ريادتها، وطني هو مسرح عبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج والفن الراقي ومعرض الكتاب وكتب التنوير، وطني الذي أريد ليس حلماً مستحيلاً بعيد المنال ولكنه مع الأسف حلم معجون بالعناد. معركتي هي توجيه الأنظار لمن يبيعنا “خمرة الأوهام” ويدخلنا في متاهات جانبية عديدة كما هو حاصل في أيامنا هذه حتى لا نكتشف حقيقة المسؤول الحقيقي عن ما نعانيه، ودائما وأبداً ابحثوا عن من يملك الإمكانات ولا يفعل شيئاً ومن يملك التمرير ويجتهد في تفجير الموقف لغاية في نفسه
اغرقوا في التفاصيل كما تشاؤون، اشتكوا من الزحمة الخانقة وعيشوا صدمة عدم قبول أولادكم في الجامعة ومرارة بطالتهم بعد التخرج وكارثة “حشرتهم” في علب السردين الأسمنتية مع أزواجهم، واكرهوا بعضكم حتى الثمالة وغضوا النظر عن المسؤول إشباعا لأحقاد الأزمان الغابرة، ثم رددوا بكل ثقة “العيب في الديمقراطية والدستور ومجلس الأمة”، وانسوا حقيقة أن كل دولة في العالم قد تعيش بدون برلمان ولكن من المستحيل أن تعيش دولة بدون حكومة
إنها يا سادة لحظة تاريخية تعيشها الكويت حيث كل الأطراف السياسية ضعيفة بدرجات متفاوتة، وما علينا كمواطنين هو التعبير عن رفضنا لاستمرار حالة الاحتقان المتواصلة في صناديق الاقتراع، فمن حقي وحقكم وحق وطني أن ننعم بقليل من الهدوء والاستقرار، فلا مجال للعمل والإنجاز وكل سنة تجرى انتخابات لمجلس الأمة وكل ستة أشهر تتبدل الحكومة… “كفاية وهم”

Thursday, September 20, 2012

ما راح تطول

جريدة الجريدة
---
عتب الزميل القدير حسن العيسى على القوى الوطنية والأفراد المستقلين في مقال “لماذا أوصدتم الأبواب على أنفسكم؟” المنشور في 11 سبتمبر “على العين والراس”، ويستحق الرد لأن “بو حامد” العيسي كاتب “منصف” يبدأ بنقد نفسه قبل الآخرين، والأقربون عنده أولى بالمعروف
يهمني أولاً التأكيد أن ما أكتبه هنا يمثلني وحدي، أما التنظيمات التي ذكرها الزميل العيسى فلست معنياً بالرد نيابة عنها، فهي تملك حق الدفاع عن أنفسها، أما أنا فأكتب ما يمثل رأيي وما أعتقد أنه معلومة عامة تم نسيانها أو تغييبها بصورة متعمدة
عتب الزميل حسن العيسى منحصر في مسألة عدم الانضمام إلى الجبهة الوطنية للدفاع عن الدستور، وكأن الدفاع عنه لا يكون إلا من خلال هذه الجبهة أو أي شكل “تقرره” لنا كتلة الأغلبية لأنها الراعي الرسمي لجبهة الدفاع عن الدستور، فاسمها ووصفها لم يخرجا أول مرة إلا من تلك الكتلة، وعليه فأنت يا زميلنا الكبير تعمل تحت مظلة نفس الطرف الإقصائي الذي تقاومه في مقالاتك ولكن بصورة غير مباشرة
عزيزي “بو حامد”: الجبهة التي تريد منا الانضمام إليها تقوم على عمود يتيم هو الإبقاء على النظام الانتخابي الحالي ورفض لجوء الحكومة إلى المحكمة الدستورية- وهذا بالمناسبة موقفي المعلن والمكتوب– وبالتالي فإنه من المنطقي أن كل من يؤيد الإحالة إلى المحكمة الدستورية بحجة تحصين النظام الانتخابي، لن ينضم إلى أي تحرك ضد الإجراء الحكومي ولو فعلها وشارك فيها لاتهم فورا بأنه متناقض مع نفسه
عزيزي “بو حامد” عندما أقول لك إن الدوائر الانتخابية هي جوهر الجبهة التي تدعوننا إليها وليس الدفاع عن الدستور، فأنا لا أتجنى على أحد، ألم تلاحظ معي وأكاد أجزم أنك لاحظت أن جبهة الدفاع عن الدستور سقطت في الاختبار الأول لها عندما تجمدت في مكانها أمام انتشار خبر قرار مجلس القضاء الأعلى بإدخال المرأة في سلك القضاء؟ ودعني أختصرها: بمجرد نهاية هذه القضية ستختفي تلك الجبهة كما اختفى غيرها، وسيبقى فقط نواب الأغلبية أو بعضهم داخل المشهد
في الخطوة التالية لتأسيس جبهة الدفاع عن الدستور، وهي لم تبتعد بالمناسبة عن موضوع الدوائر، تم توجيه مذكرة قانونية إلى السلطتين التنفيذية والقضائية، وللعلم صيغت تلك المذكرة بطريقة دفعت أستاذ القانون الدكتور مرضي العياش إلى الانسحاب احتجاجاً على آلية عمل المكتب واحتكار مجموعة من أعضاء الجبهة للعمل فيها، هل تعلم بهذا الأمر؟
في الختام زميلي العزيز حسن العيسى، من حقك وحق أي مواطن تشكيل وتأسيس أي كيان سياسي أو غير سياسي دائم أو مؤقت، ومن حقي عدم الانضمام إلى هذا الكيان أو ذاك دون حتى أن نجد لزاماً بتوضيح الأسباب، كما أنه ليس من حقك أن تتهمنا دون دليل أو تثبت وأنت رجل قانون أننا “نتعلث” بفلان وعلان حتى لا ننضم إلى “جبهتك”، فأحمد الديين صديق عزيز ومحمد عبدالقادر الجاسم تراكضنا أنا وأنت وخلفنا شقيقك شملان العيسي من أجل الدفاع عن قضيته لأننا أصحاب مبدأ لا أهل مصالح و” فزعات” جاهلية
عزيزي “بو حامد” الجواب يقرأ من عنوانه، وأنت ما زلت مصراً على قراءة الرسالة حتى النهاية، لا بأس نحن ننتظرك حتى تفرغ ولا أظن أن “السالفة مطولة”.

Thursday, September 13, 2012

أبشروا بأطواق النجاة

جريدة الجريدة
---
سأتحدث عما هو دائر “الآن” في العقل الرسمي كما سرب أو يراد له أن يسرب لجس النبض وقياس ردود الأفعال
قبل أيام قليلة وردتنا معلومات تتحدث عن أجواء من استعادة الروح تسود داخل المعسكر الحكومي بعد تزايد ظاهرة العزوف الجماهيري عن التفاعل مع أنشطة المعارضة الاحتجاجية، وتفكك الجبهات المناوئة للحكومة إلى “يافطات” لا يستطيع أي مراقب مجتهد حصرها أو وضع إطار واحد يفسر ظهورها
هذه المعلومات تتركز حول إمكانية استغلال الظروف الاستثنائية التي قد يوفرها حكم المحكمة الدستورية “الافتراضي” ببطلان قانون الدوائر الخمس من خلال إصدار مجموعة من مراسيم الضرورة غير قانون الدوائر الحكومي الجديد لإعادة ترتيب و”ضبط” الحراك الشعبي وكل مغذيات ذلك الحراك، وقد لوحظ حتى قبل توجه الحكومة إلى المحكمة الدستورية خروج مجموعة من التصورات المفصلة لقانون الدوائر وعدد الناخبين وتوزيعة المناطق وعدد الأصوات في ورقة الترشيح
من بين تلك القوانين قانون التجمعات الذي أسقطت المحكمة الدستورية بعض مواده عام 2006، وأبقت على مواده الأخرى، وسبق للحكومة أن عرضت قانونا بديلا عام 2007 وتراجعت عنه، التعديلات على قانوني المطبوعات المرئي والمسموع اللذين ثارت حولهما ضجة كبيرة أوائل عام 2010 بسبب جنوح تلك التعديلات نحو فرض المزيد من القيود على وسائل الإعلام والعاملين فيها، وأخطرها تفعيل الرقابة المسبقة وزيادة مبالغ الغرامات بصورة “مبالغ” فيها
ولأجل المزيد من خلط الأوراق لا يجد “العقل الرسمي” مانعاً من خوض هجمة عكسية مرتدة على “يافطات” المعارضة عبر تمرير مجموعة من القوانين التي تمت المطالبة بها سابقا من عدة قطاعات مثل قانون “حماية الوحدة الوطنية”، حزمة قوانين مكافحة الفساد وتحقيق النزاهة، إنشاء هيئة عليا للإشراف على الانتخابات
وحتى القانون الحكومي البديل للدوائر لن يكون هناك حرج من تشكيل لجنة “وطنية” تقوم بهذه المهمة على أمل زيادة التطاحن السياسي على الساحة، وإطالة أمد الفراغ التشريعي، خصوصاً أن بطلان قانون الدوائر الخمس يعني حل مجلس 2009 تلقائيا دون مرسوم وأسباب
إن العقل “الرسمي” لم يعد اليوم بحاجة ماسة إلى استمالة رموز الأغلبية المبطلة بعد تبدل موازين القوى وتغير نوع وكم معسكرات الاصطفاف ضدها، والأمر الثالث والأخير هو إعلان المعارضة للقطيعة السياسية مع الحكومة بعد أن قررت نيابة عن “الشعب” أن الشيخ جابر المبارك هو آخر رئيس وزراء من ذرية مبارك الصباح!
في الختام إن الميل الفطري لدى الحكومة وحكومة الحكومة نحو المزيد من تقليص مساحة الممارسة الديمقراطية، جعلها مرة جديدة تقرأ معطيات الساحة بصورة خاطئة، فالمعارضة وأعني الأغلبية النيابية المبطلة ما زالت تبحث عن ورقة جديدة ترمم فيها رصيدها الشعبي المتراجع، وهذه الورقة لن تأتي سوى بخطيئة مثل الخطايا التي اقترفتها حكومات العهد السابق أو عبر إطالة الفراغ التشريعي والعبث بأداة مراسيم الضرورة
إن ما يجب أن تستوعبه الحكومة هو أن النقمة الشعبية على أغلبية النواب مجرد حالة مزاجية مؤقتة ضد من وعد وأخلف، ولكنهم أي الناس سرعان ما سيلتفون ببنادقهم على من يملك المال والإمكانات والقرار التنفيذي، وما زال متجمدا في مكانه يتأمل السماء ويراهن على الوقت وأوهام مستشاري الخيبة
افهموها؛ مشاكل الناس وأحلام الشباب وزمن “تويتر” هي الحزب الذي سينتصر عليكم في كل انتخابات بدائرة واحدة أو بخمسين دائرة؛ بصوت واحد أو بخمسين صوتاً