Thursday, April 22, 2010

لا تكدر عبدالله السالم في قبره


 
***
ما فائدة الشهادة الجامعية إذا كانت نهاية حاملها العمل بوظيفة 'صباب شاي' لدى قلة من التجار السياسيين أو السياسيين التجار؟ إن المبالغة مفيدة أحيانا لتنبيه من نسي أو فقد الإحساس بما يجري حوله، فهذه القلة التي نعرفها جيداً (ونقرأ مقالاتها أيضاً)، ستبتلع كعكة الخصخصة بفضل التفويض البرلماني المفتوح الذي يقدمه لهم قانون الخصخصة بصورته الحالية، وفوق هذا التفويض مباركة الحكومة التي ستجمع مرافق الدولة وثرواتها داخل كيس بابا نويل، وتفرشها في صالة منازل المتنفذين ليلاً ليجدوها مغلَّفة بورق 'سوليفان' صباحاً، مكتوبا عليها 'حلال عليكم'

شخصياً لست ضد الخصخصة بمفهومها الإيجابي، الذي يضمن تحرير بعض قطاعات الدولة من قبضة البيروقراطية والإنتاج المتدني، ولست منضوياً تحت لواء فيالق 'عطونا الحين وباشر يصير خير'، لكني لا أستطيع نسيان التجارب الفاشلة التي خاضتها الحكومة في مجال الخصخصة، وأعجز عن تهميش دور الفساد المنتشر في الكثير من أجهزتها، والذي بفضله وصلنا ضمن مؤشرات مدركات الفساد إلى أدنى المراتب، كما أرفض تجاهل اعتماد القطاع الخاص واتكاليته على القطاع العام تماماً مثل المواطن الاستحواذي الذي يريد أخذ كل شيء دون بذل أدنى جهد، وأخيراً لا يمكنني نسيان 'مسجات' الليل بين سمو رئيس الحكومة والنائب محمد هايف حول قضية مسجد 'الشينكو' لإقناعه بالعدول عن قرار استجوابه

أنا ببساطة مواطن يريد استعادة الثقة بإجراءات الحكومة ومشاريعها المستقبلية، أريدها أن تطبق القانون الذي يلطم عليه من يتباكون اليوم على الخصخصة، أريدها أن تحيل المتجاوزين إلى النيابة العامة، وعذراً طلبي الأخير أسحبه لدواع صحية، كوني أطلب معجزات وليس واجبات، لأن الخصخصة الناجحة لا تتم دون نزاهة وعدالة ورقابة تقوم بها عادة كل حكومات الدول التي توجد فيها شركات 'سوني' و'جنرال موتورز' و'مرسيدس'

في الختام عندما يكون والدي مليونيراً وأنا أعمل بوظيفة 'صباب قهوة'، فهذا يعني إما أن والدي بخيل و'نحيس'، وإما صاحب رؤية ويريدني أن أعرف قيمة الفلس الذي أصرفه، ولو قارنا ما سبق مع حكومتنا فلن نجدها سوى بخيلة و'نحيسة'، وهي الأجدر بوظيفة 'صباب شاي' حتى تعرف هي قيمة الفلس الذي تهدره فيما لا ينفع وتحبسه وقت الحاجة

 
***

إن الفرق بين كذبة ديمقراطية مجالس الشورى والبرلمان الحقيقي تتمثل في حق النائب الواحد في تفعيل أدوات الرقابة منفرداً ودون كوابح كالتي يقترحها النائب الفاضل علي الراشد في تعديلاته المنتظرة على الدستور، والتي تشترط تزكية 9 نواب قبل تقديم طلب استجواب رئيس الحكومة، وبطلان طلب طرح الثقة دون موافقة 15 نائباً عليه، إننا نحسن الظن بنوايا الراشد الذي لم يكمل فصلاً تشريعاً واحداً منذ نجاحه عام 2003، ونشاطره مدى الانفلات الرقابي لدى بعض النواب، ولكن لا يجب عليه بناء واقع جديد أقرب للمجالس المستأنسة نتيجة أحداث عابرة نجحت الحكومة أخيراً في امتصاص خطورتها بفضل الدرع النيابي المتين الواقف معها

 
الفقره الآخیره : 'يا بو فيصل' يقول المثل 'من دس أصيبع دس أصيبعين' و'يا خوك' لا تفتح علينا الباب ولا تكدر عبدالله السالم في قبره

Thursday, April 15, 2010

كويتي بوظيفة صبّاب شاي




في الوقت الذي قلنا فيه إن مهمة مجموعة الـ26 ومسماها الصحيح اليوم هو مجموعة الـ25 بعد انسحاب الدكتور بدر الديحاني منها، قد انتهت على خير بعد الدوي الهائل الذي أحدثته داخل حلقات صراعنا السياسي المفرغة، قرر نفر منها إعادة إحيائها من جديد، وهو ما يعزز جميع الاتهامات التي وجهت إلى المجموعة بأنها تحولت إلى تكتل سياسي وليس فريق عمل وطني انصهر داخله أشد الفرقاء لتحقيق أهداف محددة وضمن نطاق زمني وإعلامي محدود
وبعيداً عن موقفي المؤيد لمجموعة الـ25، وبعيداً عن دفاعي عن مشروعية الحراك الاجتماعي المستقل في إبداء مرئياته في القضايا العامة ومخاطبة المراجع العليا في الدولة، دون أن يعني ذلك تخويلها منازعة الهيئات المنتخبة وعلى رأسها مجلس الأمة في ممارسة دوره الأصيل في تمثيل الأمة، إلا أن استقالة الديحاني يجب وضعها دوماً مدخلاً لمناقشة الحالة التي وصلت إليها مجموعة الـ25 في أواخر العام الماضي، لأنها قرعت الجرس بأن هناك خللاً قد أصابها، ويجب معالجته فوراً قبل أن تفقد مجموعة الـ25 الكثير من قوة رسالتها، وهذا الخلل بالمناسبة منطقي ناجم عن احتكاك الأضداد أكثر من اللازم
إن وجود بعض العناصر في مجموعة الـ25 ممن لا تعرف الصمت أو تجاوز الرد حتى على أتفه الانتقادات، وأحدهم كان وزيراً تفرغ للرد على منتقديه في الصحافة، جعل المجموعة تسير في طريق الصراعات الجانبية والتداول الإعلامي المنهك، كما أن بعض أعضاء المجموعة يتمنون بقاءها لأنها مركب سريع للوصول إلى الأعلى، والثقل السياسي الكبير الذي مثلته المجموعة لا يمكن تحقيقه سوى لفترة قصيرة وقد انتهت بالفعل بعد اللقاء الأخير مع سمو أمير البلاد، وعليه فإن محاولة تمديد أجل المجموعة لأطول زمن ممكن أو التحدث باسمها أمر يجب أن يتوقف فوراً
إن المطلوب حالياً وبعد أن تأكد وجود تحركات لإحياء مجموعة الـ25 من جديد هو أن تتم الدعوة لجمع شملها من جديد للإعلان عن انتهاء أعمالها بصورة نهائية وتقديم ورقة عمل تلخص ما قامت به للأمانة التاريخية مع تضمينها مجموعة من توصياتها كيفية علاج الهدر في المال العام، حتى يغلق الباب نهائياً أمام أي شطط قد يمارسه أي من أعضائها في المستقبل، وأخيراً التشديد على أن أي تصريح يحمل اسم المجموعة بعد تاريخ إعلان نهايتها يعتبر فاقد الصفة ولا يعبر سوى عن صاحبه

***
ثور جديد من ضحايا حرية التعبير في الكويت يؤكل بعد تسفير وقطع أرزاق 17 مصرياً من أنصار البرادعي، وأعلم أن القانون يحظر ممارسة السياسة ككل القوانين المخالفة لنصوص وروح الدستور الذي كفل بوضوح حق التعبير للإنسان وليس للكويتي فقط، وفي حين عاقبت حكومتنا من عبَّروا سلمياً عن مواقفهم، تركت مشاغبي أحداث خيطان يجلسون اليوم يدخنون الشيشة، وهم يشاهدون صور المبعدين ويعلقون عليهم 'إنتو جايين تشتغلوا ولا تتظاهروا؟'
لا أتفق مع الزملاء الذين يركزون على حكاية سمعتنا الخارجية لأن المهم لدي 
 سمعتنا الداخلية واحترامنا لأنفسنا، وهو ما يجب أن ينبع من أعماقنا وليس فقط لأن عيون العالم مركزة علينا

الفقرة الأخيرة : مشروع قانون الخصخصة الذي يناقشه مجلس الأمة اليوم، مؤامرة لبيع القطاع النفطي بكل عملياته وتحويل الموظف الكويتي إلى 'صباب شاي' في دواوين التجار السياسيين أو السياسيين التجار

Wednesday, April 14, 2010

جمعية الخريجين ترفض الخصخصة

بيان صادر من جمعية الخريجين

بخصوص مشروع قانون الخصخصة



الأربعاء 14 أبريل 2010



يناقش «مجلس الأمة» غداً الخميس الموافق 15 أبريل التقرير السادس والعشرين للجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس الأمة، حول مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن تنظيم برامج وعمليات التخصيص والاقتراحات بقوانين المقدمة من النواب، وإيماناً من جمعية الخريجين بدورها كإحدى مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة في المجتمع، ولضرورة أن تبين رأيها في ذلك المشروع الذي لم تمنحه لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الأمة الوقت الكافي لدراسة مختلف الآراء التي تضمن تلافي العيوب والمثالب التي تكشفت على ساحة النقاش خلال الأسبوعين الماضيين، خاصة أن موضوع الخصخصة يعتبر مثيراً للجدل والخلاف الفكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي، ليس في الكويت فحسب، بل في بلدان العالم قاطبةً، إيماناً منها بكل ذلك فإن جمعية الخريجين تودُّ في هذا البيان إبداء رأيها في مشروع قانون الخصخصة الذي سيناقشه المجلس

تعلن جمعية الخريجين رفضها المبدئي لمشروع قانون الخصخصة المقدم في تقرير لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بصورته الحالية بناءً على التالي

   مخالفته التوجيه الدستوري في المادة 20 من الدستور، التي تضمن وجود القطاعين العام والخاص، وليس تصفية أحدهما بالكامل لمصلحة الآخر، كما بينت المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون، إذ إن مشروع القانون المقدم ينص على تصفية النشاط الاقتصادي للدولة

  اقتصار تعريف الخصخصة في مشروع القانون المقدم على مفهوم واحد له سلبيات كثيرة قد تَمسُّ مفهوم الديمقراطية ذاته، وهو نقل الملكية العامة إلى القطاع الخاص، في حين أن للخصخصة مفاهيم وأشكالاً كثيرة أخرى تحافظ على الملكية العامة، منها ما هو معمول به في الكويت منذ عقود مثل خصخصة الإدارة أو التعاقد (بي أو تي) أو التأجير أو حتى السماح للقطاع الخاص بممارسة بعض الأنشطة التي تحتكرها الدولة (كما هو الحال حالياً في المستشفيات والمدارس والجامعات الخاصة).

  احتواء مشروع القانون على كثير من العبارات والجمل الفضفاضة والواسعة المعاني، والتي قد تحمل أكثر من تفسير، مما سيسبب إشكالات قانونية وتبعات مالية وإدارية كثيرة على الدولة، خصوصاً أن قوانين مكافحة الفساد لم تُقَر حتى الآن

  افتقار مشروع القانون إلى الوضوح في كيفية التعامل مع العمالة الوطنية العاملة في المشروعات العامة حالياً، التي ستكون الضحية المباشرة لأي عمليات خصخصة عجولة وغير مدروسة بشكل جيد، فضلاً عما سينتج عن عملية نقل الملكية (الخصخصة) من مشاكل تضخمية ستؤدي إلى الغلاء وارتفاع الأسعار واختلال العدالة الاجتماعية.

  رفض الجمعية المبدئي لخصخصة (النقل الكامل للملكية) مرفقي التعليم والصحة، لأن ذلك يُخِلُّ بالوظيفة الاجتماعية للدولة، ويتنافي مع ما هو معمول به في بلدان العالم كافة.

  رفض الجمعية المبدئي لخصخصة (نقل ملكية) المشروعات العامة المتعلقة بإنتاج النفط والغاز الطبيعي لمخالفة ذلك للدستور

  ضرورة معالجة جوانب القصور الإداري في كثير من المشاريع العامة كبديل لنقل ملكيتها إلى القطاع الخاص

  ضرورة التعامل مع مشروع الخصخصة كجزء من عملية إصلاح اقتصادي وإداري وسياسي شاملة تُغطَّى فيها جوانب القصور التشريعي الأخرى قبل البدء بشكل جزئي مبتور في نقل ملكية القطاع العام.



جمعية الخريجين

Thursday, April 8, 2010

ثيران بوراكان


***

أثار عنوان مقال زميلنا الكبير عبداللطيف الدعيج ' أكلتم يوم أكلت السور' يوم 3 أبريل الماضي في 'القبس'، قضيتين جدليتين شغلتا تفكيري منذ وقت طويل: الأولى، هي حدود حرية التعبير عندما تتداخل مع ثقافة الكراهية بين مكونات المجتمع. والثانية، هي عند أي ثور بالتحديد يجب أن نتوقف ونقول إن حرية التعبير في الكويت انتهت أو شارفت على الانتهاء؟

في القضية الأولى كان للدعيج رأي واضح حول أهمية تطهير النفس وتغيير المناهج وتعديل القوانين، وقال بالحرف في مقال 'حاميها حراميها' يوم 19 يناير الماضي: 'انشروا المودة والرغبة بالتعايش السلمي بين الناس من خلال تطبيق القوانين وتفعيل المواد الدستورية الخاصة بالمساواة والعدالة في الحقوق والواجبات، فهذا وحده الكفيل بالقضاء على الشحن الطائفي والفئوي'. وكل ذلك مطلوب، بل لعله هو العلاج الوحيد ليس فقط لحالة التوتر الطائفي والقبلي، ولكن لمعظم الملفات العالقة من دون لف أو 'تلسيب'

ولكن أن يعود 'بوراكان' في ظل حماسه المتزايد لوزير تغليظ العقوبات لينتقد ملاحقة وزارة الإعلام لقناة 'السور'، ويساوي بين ما تبثه من تعديات لفظية لقطاعات واسعة من أبناء الشعب وممارسة حرية الرأي والتعبير، كما جاء في مقال 'أكلتم يوم أكلت السور'، فهذا ما لم أفهمه، وجعلني أقع في حيرة السؤال التالي: هل يشتمل فضاء حرية التعبير على حق التعريض بأصول الناس والتمييز بينهم على أساس العرق، خلافاً للتوجيه الدستوري 'الناس سواسية'؟

القضية الثانية ، وهي عند أي «ثور» بالتحديد يجب أن نتوقف لنقول حرية التعبير في خطر، فقد أحصيت بعض «الثيران» التي أكلت من قبل، ولم تجد من يناصرها سوى القلة، ومنهم بالطبع 'بوراكان'، وهي كالتالي : لقد أكل الثور الأبيض عندما عطل مجلس الوزراء صحيفة 'الأنباء' عام 1995 استناداً إلى مادة ملغاة من قانون المطبوعات السابق ، وأكل الثور الوردي عندما أطلقت في عام 1996 عفاريت دعاوى الحسبة ، ولوحق وزير التربية الأسبق سليمان البدر لتأييده الدكتور البغدادي في بعض آرائه الجدلية، وتبعه أدباء مثل ليلى العثمان التي حوسبت على رواية لها أجيزت منذ عام 1984

وأكل الثور البنفسجي عندما حبس أول سجين رأي في الكويت عام 1999 وهو الدكتور أحمد البغدادي، وأكل الثور البني في العام نفسه عندما كرر مجلس الوزراء عملته وعطل صحيفة 'السياسة' خمسة أيام لنشرها تغطية صحافية لندوة زعم فيها أمين عام الحركة السلفية العلمية أن الأميركيين فرضوا مرسوم حقوق المرأة السياسية على الكويت

وأكل الثور الأزرق عندما هام مقص الرقيب حباً في معرض الكتاب حتى أضحى اليوم مخزناً كبيرا لكتب الطبخ، وسيدتي كيف تسعدين زوجك؟ وأكل الثور الأصفر المنقط 'أبو كركوشة' عندما قرر مجلس الوزراء سحب امتياز صحيفة 'السياسة'، وتعطيل صحيفة 'الوطن' لمدة سنتين ولولا ستر الله ثم حكمة الشيخ جابر الأحمد لذهبت الجريدتان في 'شربة مية'
وأكل الثور الأحمر عندما سُمح لجهاز أمن الدولة عام 2000 بالتدخل في الانتخابات الطلابية وحبس طلاب الوسط الديمقراطي ثلاثة أيام، وها نحن اليوم لا نعلم إن كنا سنحاسب ككتاب أو سياسيين من القضاء أو 'نكشخ' كم يوما في 'الأوفرج' ويارب اجعل كلامنا خفيفا عليهم
أكل الثور الأسود عندما فتحت إدارة الجامعة أبوابها للجان الزكاة، وكل من ليس له علاقة بها بملاحقة أساتذة الجامعة المتنورين، وشن الحملات الظالمة عليهم، وملاحقتهم فيما يبدونه من آراء أو ما يدرسونه لطلابهم
كم ثوراً أُكل أحصيناه حتى الآن ولايزال هناك المزيد؟ فهل انتهت حرية التعبير عند ملاحقة قناة 'السور' التي كشفت عن محتواها المناقض لكل ما طالب به كاتبنا الكبير لتحقيق التعايش السلمي في المجتمع؟ أم أنها ودعت الحياة في الكويت منذ زمن دون أن نشعر بها؟!

***
من بعد الشخصيات الرياضية التي كُلفت بإدارة شؤون الأندية المنحلة، جاءت هيئة الشباب والرياضة بموظفين إداريين من طرفها، فهل يعني ذلك أن اختيارها السابق كان خطأ؟ أو أنه قرار صائب ولكن التدخل الحكومي الثقيل فرض قواعده الجديدة في متاهة الصراع الرياضي في الكويت؟

الفقرة الأخيرة : أشكر الزميل سعد العجمي على تفاعله الإيجابي مع مقالنا السابق، وأود هنا أن أؤكد له أن النقد الذاتي داخل التيار الوطني الديمقراطي قاعدة قديمة وراسخة نتمنى أن نشاهد مثلها في بقية التيارات والقوى الأخرى

Monday, April 5, 2010

ملاحظات على مشروع قانون الخصخصة

نص المحاضرة التي ألقاها الكاتب أحمد الديين في ندوة المنبر الديمقراطي بمنطقة الضاحية يوم أمس الأحد
---
أياً كانت التسمية المعتمدة، فإنّ الخصخصة أو التخصيص أو نقل ملكية المشروعات العامة إلى القطاع الخاص تستهدف في النهاية أمراً واحداً هو تقليص ثم تصفية الدور الاقتصادي للدولة وتحديداً تصفية قطاع الدولة أو القطاع العام وتسليمه إلى المستثمرين وأصحاب المال والأعمال، وحصر دور الدولة في الأمور المتصلة فقط بالدفاع والأمن والعلاقات الدبلوماسية وإصدار التشريعات وتنفيذها... وهذا ما وصفه الإطار العام للخطة الإنمائية بعبارات منمقة تتحدث عن "اقتصار دور الدولة على ضمان حسن أداء النظام الاقتصادي من خلال الاضطلاع بمهام التنظيم والرقابة والمتابعة والحفاظ على سيادة القانون والنظام والأمن وتوفير شبكة الأمان الاجتماعي اللازم وضمان الاستقرار السياسي والاقتصادي"!

والآن وبغض النظر عن الضوابط، التي أقرتها لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في تقريرها السادس والعشرين عن مشروع القانون المقدم من الحكومة والاقتراحات بقوانين المقدمة من بعض النواب في شأن تنظيم برامج وعمليات التخصيص، الذي أنجزته وأقرته وقدمته إلى مجلس الأمة، فإنّ هذه الضوابط قد ترشّد عمليات التخصيص وربما تخفف جزئيا من بعض آثارها السلبية ولكنها لن تغيّر من طبيعتها وأهدافها

إنّ نقطة الخلاف الأساسية بين دعاة الخصخصة ومعارضيها، وأنا أحدهم، لا تتصل برفض المعارضين توسيع دور القطاع الخاص وإفساح المجال أمامه للاستثمار والإسهام في عملية التنمية، وإنما تكمن في رفض تصفية وجود قطاع الدولة أو القطاع العام لاعتبارات عدة، بينها ما هو دستوري، حيث ينص الدستور في المادة العشرين منه على أنّ الاقتصاد الوطني أساسه العدالة الاجتماعية وقوامه التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص… وبالتالي فإنّ تصفية النشاط العام أو القطاع العام أو قطاع الدولة في الاقتصاد من شأنه الإخلال بهذا التصوّر الدستوري للاقتصاد الوطني، وغير ذلك فهناك اعتبارات تتصل بأهمية الدور الريادي الذي لعبه قطاع الدولة أو القطاع العام وكذلك القطاع المشترك منذ أواسط الخمسينيات في تأسيس الصروح الكبرى للاقتصاد الوطني، مثل شركة الصناعات الوطنية، ومصافي تكرير النفط الخام، وصناعات الكيماويات البترولية، وناقلات النفط، وهو الدور الذي يجري الآن تجاهله، بل يتم تشويهه والاعتراض عليه والدعوة إلى تصفيته… والمفارقة، التي تستدعي التوقف أمامها أنّ دعاة الخصخصة بل غلاتهم وروادهم الأوائل هم أنفسهم مَنْ كانوا في الأمس يقفون في مقدمة المنادين بتدخل الدولة لإنقاذ شركات القطاع الخاص، ولعلّنا نذكر أن امتلاك الدولة لأسهم العديد من هذه الشركات قد جاء بالأساس تلبية لمطالبات أصحاب تلك الشركات عندما اشتدت الأزمة الأولى لسوق الأوراق المالية في أواسط السبعينيات، وتكررت مطالباتهم هذه في أعقاب أزمة السوق الموازي المسماة "أزمة المناخ" بداية الثمانينات، حيث كان تدخل الدولة في الاقتصاد حينذاك أمرا مرغوبا ليس لأنهم من دعاة التأميم ولكن لأنّه كان يتوافق مع مصالحهم، بينما اختلف الموقف اليوم لأنّ مصالحهم تستدعي فرض سيطرتهم على قطاع الدولة!

وأما نقطة الاعتراض الثانية على الخصخصة فهي تتصل بالتوجّه المغالى فيه للاندفاع نحو خصخصة قطاعات يفترض بها أن تستمر بيد الدولة، فعلى سبيل المثال نجد أنّ القانون رقم 9 لسنة 2010 بإصدار الخطة الإنمائية عندما أقر العمل بالإطار العام للخطة الإنمائية فقد قضى بأن يتم خلال العام الأول من الخطة تخصيص عدد من المدارس والمستشفيات وأن تعمم التجربة وتستمر عمليات التخصيص، وهو توجّه لم يتم حتى في البلدان الرأسمالية المتقدمة، حيث توضح البيانات الموثقة أنّ نسبة المدارس الخاصة فيها لا تتجاوز 10 في المئة من إجمالي المدارس، بالإضافة إلى الخلاف الدائر في تلك البلدان حول خصخصة الخدمات الصحية، وهو ما يكشف مقدار اندفاع دعاة الخصخصة في الكويت!

وتبرز نقطة الاعتراض الثالثة على نهج تصفية قطاع الدولة أو القطاع العام وبيعه إلى القطاع الخاص في أنّه يتم بمعزل عن توافر الحد الأدنى من المسؤولية الاجتماعية لرأس المال، وهذا ما يتضح في عدم وجود نظام ضرائبي يلزم القطاع الخاص بتمويل ميزانية الدولة، وعدم التزامه بتوفير فرص عمل جديدة للعمالة الوطنية، وتدني النسب المقررة في قانون دعم العمالة الوطنية وعدم التزام تطبيقها…هذا ناهيك عن الآثار التضخمية للخصخصة على المستهلكين وذلك عندما يُعاد تسعير الخدمات والسلع التي تنتجها المشروعات العامة الخاضعة للخصخصة.

وعندما نطّلع على التقرير السادس والعشرين للجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس الأمة عن مشروع القانون المقدم من الحكومة في شأن تنظيم برامج وعمليات التخصيص والاقتراحات بقوانين المقدمة من النواب عبدالله يوسف الرومي، مرزوق علي الغانم، علي فهد الراشد، وحسين الحريتي، ومن النائب أحمد عبدالعزيز السعدون، والتعديلات المقدمة من العضوين عادل الصرعاوي وخالد سلطان بن عيسى في الشأن ذاته ومرفقا معه مشروع القانون كما انتهت إليه اللجنة ومذكرته الإيضاحية، فيمكننا أن نكتشف ما يحفل به مشروع القانون بعد أن أقرته اللجنة من مغالطات وثغرات... وأركز هنا على أربع مغالطات ومثالين على الثغرات، التي تعتور مشروع القانون.



المغالطات الأربع:

- المغالطة الأولى تبرز في المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون، التي تحاول أن تلتف على الشرط الدستوري الوارد في المادة 20 من الدستور المانع لتصفية القطاع العام والمقرر لمبدأ التعاون العادل بين النشاطين العام والخاص، حيث تحدد المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون هدف التخصيص على نحو مراوغ بالقول إنّه يتمثّل في "إعادة التوازن بين القطاعين العام والخاص، بحيث يتخلى الأول عن ممارسة الدور الذي يقوم به حاليا في مجالات الأنشطة المتصلة بتقديم الخدمات وإنتاج السلع، تاركا ذلك للقطاع الخاص، وهو الأقدر على ممارسة هذا الدور، بحيث يكتفي القطاع العام بالجانب الأهم المتمثّل في رسم السياسات العامة التي تستهدف تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية وزيادة الكفاءة الاقتصادية وترشيد الاستهلاك وتحقيق العدالة الاجتماعية"... باختصار فإنّ المطلوب وفقا للقانون هو تصفية القطاع العام وتخليه عن ممارسة الدور الذي يقوم به حاليا في أنشطة تقديم الخدمات وإنتاج السلع وتركها للقطاع الخاص، فأي توازن بين القطاعين العام والخاص وأي تعاون عادل وفق الدستور يمكن أن يتحققا في ظل تصفية ملكية أحد القطاعين وإنهاء دوره الاقتصادي الفعلي ونقلهما إلى القطاع الآخر؟!

- المغالطة الثانية تكمن في التعريف المجتزأ الوارد في المادة الأولى من مشروع القانون لمصطلح التخصيص، حيث يتم تعريفه في أسلوب واحد أوحد فقط من أساليب التخصيص، وهو "نقل ملكية المشروع العام بشكل كلي أو جزئي وفقا لأحكام هذا القانون"، بينما تجاهل مشروع القانون أي إشارة إلى الأساليب المتعددة والمتنوعة الأخرى للتخصيص أو الخصخصة، التي توردها الأدبيات الاقتصادية وسبق تطبيقها في بعض البلدان، ومن بين هذه الأساليب، التي لا يشير إليها مشروع القانون: أسلوب التعاقد أو خصخصة الإدارة، بحيث تبقى ملكية رأس المال في يد الدولة في حين تتمكن وحدات القطاع الخاص من الحصول على عقود تخولها حق الإدارة مقابل مزايا تتمثّل في حصص من الأرباح أو الإنتاج... وأسلوب الخصخصة التلقائية وذلك بالسماح للقطاع الخاص بمزاولة أنشطة اقتصادية يحتكرها القطاع العام أو قطاع الدولة، وذلك بهدف توسيع نطاق المنافسة وإزالة القيود المانعة لدخول القطاع الخاص مثل هذه الأنشطة من دون الحاجة إلى تغيير ملكية المشروعات العامة... ثم هناك الأساليب المتعددة والمتفرعة من أسلوب البناء والتشغيل والتحويل مثل البناء والتشغيل والتمليك، والبناء والتشغيل والتمليك والتحويل... ومن الواضح أنّ تجاهل ذكر هذه الأساليب للخصخصة في مشروع القانون لم يكن سهوا غير مقصود وإنما هو تجاهل متعمّد لأنّ الهدف الأول والأوحد والمباشر من هذا القانون هو تصفية القطاع العام وإنهاء الدور الاقتصادي للدولة ونقل ملكيتها إلى القطاع الخاص!

- المغالطة الثالثة نجدها في المادة الثانية من مشروع القانون المعنونة أحكام عامة، التي تتضمن عبارات إنشائية مطاطة وملتوية وقابلة لتفسيرات متنوعة يمكن بسهولة ويسر التهرّب من تطبيقها والتحلل من الالتزام بها، فهذه المادة تضع خمسة شروط بحيث لا يكون التخصيص إلا بالكيفية وبالحدود الواردة في القانون، وأختار هنا الشرط الأول مثالا على الطابع اللفظي الفضفاض لهذه الشروط الخمسة، وهو شرط "حماية مصالح المستهلك من حيث مستوى الأسعار وجودة السلع والخدمات في مجال إنتاج السلع أو الخدمات ذات الطبيعة الاحتكارية أو الإستراتيجية..."، فهذا الشرط يعني أنّ حماية مصالح المستهلك في المشروعات، التي ستتم خصخصتها، إن تمت فعلا، فستقتصر الحماية فقط على السلع والخدمات ذات الطبيعة الاحتكارية أو الإستراتيجية وليس السلع والخدمات جميعا، وهذا يفتح الباب أمام رفع هذه الأسعار وتدنى مستوى جودة السلع والخدمات الأخرى لهذه المشروعات بعد خصخصتها..!

- المغالطة الرابعة نجدها في المادة الثالثة من مشروع القانون، التي تنصّ على أنّه "لا يجوز تخصيص مرفقي التعليم والصحة إلا بقانون"... فهذا النصّ لا يعني عدم جواز خصخصة المدارس والمستشفيات، بل أنّه يحدد آلية خصخصتها وذلك بقانون، هذا على الرغم من أنّ القانون رقم 9 لسنة 2010 بإصدار الخط الإنمائية للسنوات 2010/2011- 2013/2014 يورد في موقعين من الإطار العام للخطة الإنمائية ما يفيد خصخصة عدد من المدارس والمستشفيات بدءا من السنة الأولى للخطة وصولا إلى استكمال خصخصتها جميعا، وبالتالي فإنّ هناك غطاء قانونيا قائما بالفعل لخصخصة مرفقي التعليم والصحة... وغير هذا فإنّ المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون الخصخصة نفسه تكشف النوايا الحقيقية للبدء في خصخصة مرفقي التعليم والصحة وذلك من دون الحاجة إلى إصدار قانون، حيث تورد المذكرة في توضيحها للمادة الثالثة من القانون "أنّ الدستور لا يتطلّب صدور قانون خاص إذا عهدت الدولة لجهة خاصة بإدارة مرفق عام تملكه أو قامت بتأجيره لها أو عهدت إلى جهة خاصة بإنشاء وإدارة مرفق عام مستحدث على أن تؤول ملكيته للدولة بعد انقضاء مدة معينة بطريقة B.O.T إلا في الحالات التي يتوفر فيها عقد الالتزام بعناصره الأساسية والتي يكون فيها لمرفق من المرافق القومية الرئيسية وقد حرصت المادة الثالثة على الإشارة إلى عدم جواز تخصيص مرفقي التعليم والصحة وفقا لتعريف التخصيص الذي جاء في المادة الأولى من القانون، وهو لا يتعارض مع خضوع هذين المرفقين للحظر الوارد في المادة 152 من الدستور باعتبارهما من أبرز المرافق الرئيسية"... وخلاصة هذا الإيضاح الملتبس للمادة الثالثة من قانون الخصخصة أنّه لا حاجة إلى صدور قانون، مثلما تنص المادة نفسها وذلك في الحالات، التي تعهد فيها الدولة للقطاع الخاص بإدارة مرفقي التعليم والصحة؛ أو عند تأجيرهما له، أو عندما تعهد إلى جهة خاصة بإنشاء وإدارة مشروع مستحدث تابع لمرفقي التعليم والصحة على أن تؤول ملكيته للدولة بعد انقضاء مدة معينة... فأي مغالطة أخبث من هذه المغالطة؟!

وهنا لا بد من الإشارة إلى أنّ التوجّه نحو خصخصة التعليم في الكويت ليس له مثيل ولا سوابق في البلدان المتقدمة، التي يفترض أن تكون لنا المثال والنموذج في تطوير التعليم، ففي بريطانيا لا تزيد نسبة تلاميذ المدارس الخاصة عن سبعة في المئة، أما في الولايات المتحدة الأميركية فإنّ هذه النسبة تقل عن 11 في المئة مع ملاحظة أنّ غالبية المدارس الخاصة هناك هي مدارس دينية، وفي اليابان فإنّ نسبة المدارس الخاصة في مرحلتي التعليم الإلزاميتين الابتدائية والإعدادية لا تزيد عن 1 في المئة للأولى و5 في المئة للأخيرة

أما الأمر الآخر، الذي لابد من التنبيه إليه فهو أنّ هناك العديد من الدراسات الأكاديمية، التي تبين الآثار السلبية لخصخصة التعليم، وبينها دراسة قرأت ملخصا باللغة العربية عنها كانت قد خلصت إلى أنّ التعليم الخاص يعيق تقدم التعليم العام في الولايات المتحدة الأميركية

هذا ناهيك عن أنّ هناك مؤشرات أوردتها دراسات وأبحاث أخرى تؤكد أنّ خصخصة التعليم من شأنها زيادة تسرب المعلمين المواطنين من المهنة بسبب خفض أجورهم، وتحوّل التعليم إلى تجارة، وخفض جودة التعليم بهدف خفض تكلفته المادية، والحد من عدالة الفرص التعليمية، وإهمال الجانب العلمي والتركيز على جوانب الربح، والتساهل في منح الشهادات.

مثالان عن الثغرات

- الثغرة الأولى، التي تعتور مشروع قانون الخصخصة نجدها عندما نعود مرة أخرى إلى المادة الثالثة من مشروع القانون، التي لا تجيز تخصيص مرفقي التعليم والصحة إلا بقانون، حيث أنّ هذه المادة تحديدا تعني أنّ المرفقين الوحيدين المستثنيين من احتمال خصخصتهما وفقا لمشروع القانون هما مرفقا التعليم والصحة، وهذا التحديد على سبيل الحصر لهذين المرفقين يعني أنّ المشروعات العامة والمرافق الأخرى المملوكة للدولة جميعها، بما فيها المرفق النفطي يمكن أن تتم خصخصتها في إطار مشروع هذا القانون في حال إقراره... فمع أنّه صحيح تماما أنّ الثروات الطبيعية جميعها ومواردها كافة ملك للدولة وفقا للمادة 21 من الدستور، وصحيح أيضا أنّ المادة 152 من الدستور تقرر أنّ كل التزام باستثمار مورد من موارد الثروة الطبيعية لا يكون إلا بقانون ولزمن محدد، إلا أنّ مشروع قانون الخصخصة لا ينص صراحة على استثناء خصخصة المشروعات العامة في المرفق النفطي، بل لقد تعمّدت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس الأمة حذف الفقرة الأولى من المادة الرابعة من المشروع مثلما وردت من الحكومة ومن الاقتراح بقانون المقدم من بعض النواب والمماثلة للمادة 12 من الاقتراح بقانون المقدم من النائب أحمد عبدالعزيز السعدون، التي تقضي بعدم جواز تخصيص المشروعات العامة المتعلقة بقطاع إنتاج النفط والغاز الطبيعي، حيث استثنت اللجنة مرفقي التعليم والصحة فقط على سبيل التحديد، وبذلك فتحت الباب على مصراعيه أمام شمول مشروعات الثروة النفطية بالخصخصة، وهذه هي الجائزة الكبرى المنتظرة للقطاع الخاص، التي تفوق قيمتها أي جائزة غيرها متأتية من خصخصة المشروعات العامة في المرافق الأخرى

- أما الثغرة الأخرى فنجدها في الفصل الرابع من مشروع القانون وتحديدا في المادة السابعة عشرة منه، التي تتصل بحماية حقوق العاملين الكويتيين في المشروع العام، حيث تنصّ هذه المادة على منح مزايا للعاملين في المشروع العام الذين يرغبون في العمل بالشركة المنصوص عليها في المادة الحادية عشرة من هذا القانون، وهي الشركة، التي تؤسسها الحكومة كشركة مساهمة كويتية تؤول الأصول المادية والمعنوية والخصوم لكل مشروع عام تقرر تخصيصه، وتفصّل المادة الثانية عشرة من مشروع القانون كيفية تخصيص أسهمها وتوزيعها، ولكن هذه المزايا المقررة للعاملين الكويتيين في المشروعات العامة التي يتم تخصيصها على هذا النحو تقتصر فقط على الشركة المنصوص عليها في المادة الحادية عشرة، بينما لا نجد أي إشارة تثبّت شمول هذه المزايا للعاملين في نوع آخر من الشركات التي يستحدثها مشروع القانون وهي الشركات المساهمة، التي تُنقل إليها ملكية المشروع العام وتكون جميع أسهمها مملوكة للدولة توطئة لتخصيصها المنصوص عليها في المادة السادسة عشرة... وهذه ثغرة خطرة يمكن أن يتم التحلل فيها من المزايا الممنوحة للعاملين في المشروعات العامة إذا نُقلت ملكيتها إلى هذا النوع من الشركات المساهمة توطئة لتخصيصها، ولم تُنقل الملكية إلى النوع الأول من الشركات المنصوص عليها في المادة الحادية عشرة، التي يمنح مشروع القانون المزايا للراغبين في العمل فيها فقط وعلى سبيل الحصر والتحديد

إنّ المغالطات الأربع التي ينطوي عليها مشروع قانون الخصخصة ومثالي الثغرتين الخطيرتين اللتين تعتورانه تكشف بوضوح أنّه مشروع قانون مختل لا يجوز إقراره على النحو المعيب، الذي أنجزته به لجنة الشؤون المالية والاقتصادية

Saturday, April 3, 2010

ندوة ملاحظات على الخصخصة


يقيم المنبر الديمقراطي يوم الأحد 4 ابريل ندوة بعنوان
ملاحظات على مشروع قانون الخصخصة يتحدث فيها الكاتب احمد الديين
العنوان
ديوان عبدالله النيباري ضاحية عبدالله السالم
س 8 مساء

Thursday, April 1, 2010

كتلة الحضر


منذ أن تم الإعلان عن وجود كيان ضبابي داخل مجلس 2009، وهو كتلة العمل الوطني، والضغط السياسي يتواصل على جميع المنتمين إلى التيار الوطني الديمقراطي بعد تحولها إلى منتدى سياسي للنواب الحضر، وحتى الآن لم أسمع من يعترض على وجود ذلك الكيان الذي لم يكن يوما يمثل أفكار التيار الوطني الديمقراطي أو حاضنة سياسية يعتد بها

ألم يسأل أحد نفسه من رئيس هذه الكتلة؟ ومن أعضاؤها؟ ومن الناطق الرسمي باسمها؟ وما برنامجها؟ وهل توجد إلزامية بتصويت أعضائها؟ باختصار هل هذه الكتلة مثل باقي الكتل؟ الجواب هو لا، وما هو موجود سوى ضباب وتصريحات تنسب إلى أصحابها فقط، وتصويتات موزعة على خانات الـ«مع» و«الضد» و«الامتناع»، بذمتكم هل هذه كتلة نستحق أن يحاسبنا عليها الناس كلما دخلنا ديوانية أو جمعتنا بهم المصادفات؟

إن هذه الكتلة التي لم يُعَدْ بعثها بعد أن دخلت الثلاجة طوال عمر مجلس 2008 القصير جدا، لم تعد مناسبة سوى لجمع من كرهوا طوال حياتهم العمل التنظيمي والحزبي، أو لجمع من يظنون أن بينهم مساحات مشتركة، وأخيرا لمن يرون أنه حان الوقت «للحضر» أن يعلنوا وجودهم سياسيا

إن سمعة التيار الوطني الديمقراطي لم تتحطم داخل مجلس الأمة وخارجه فقط منذ يوم الخميس الماضي، ولكن العجلة دارت منذ مجلس 1999 عندما وقع النواب الوطنيون في شرك تكتيك مساندة الحكومة تحت وطأة أوهام دعم الإصلاح، وتغييب مبادراتهم الوطنية التي تقف على أرضية الدفاع عن المال العام والذود عن الحريات العامة وخدمة الفئات الشعبية الأكثر حاجة لدعم الدولة والتي نقلها النائب أحمد السعدون بسهولة إلى التكتل الشعبي بعد أن نزل من سدة الرئاسة، ووجد نواب المعارضة التقليدية مشغولين بأجندة الإصلاح الحكومية

نواب التيار الوطني الديمقراطي احتاروا أول الأمر باسم كتلتهم فأسموها (7 + 1) لأن المستقلين لا يريدون الالتزام مع كتلة ؟ لقد كان المسمى مجرد بداية، وفي الاختبار الأول لصلابة نواب التيار الوطني الديمقراطي ، امتنعوا جميعهم مع الحكومة في التصويت على قانون فصل التعليم المشترك في الجامعات الخاصة ما عدا النائب محمد الصقر الذي وقف وحيداً منسجما مع قناعاته ليسجل في ذلك اليوم الأسود أنه رفض المشاركة في الانتصار الثاني للقوى الدينية في تغيير هوية الدولة الدستورية بعد أن نجحوا في جامعة الكويت

وفي مجلس 2003 حتى 2006 لم يبق لكتلة العمل الوطني أي أبعاد سياسية بعد أن خسر جميع النواب المؤدلجين في الانتخابات، وعندما سجل انتصار قانون تمكين المرأة من ممارسة حقوقها السياسية كاملة، وزع صيت ذلك النصر يمينا ويسارا على الحكومة ونجم الجلسة أحمد السعدون، ونسيت جهود أصحاب النضال التاريخي الذين حوربوا بالفتاوى والتشكيك في إيمانهم لأنهم طالبوا بالمساواة بين الرجل والمرأة

وسارت كتلة العمل الوطني على هذا المنوال ، تزداد ضعفا والتكتل الشعبي يزداد قوة مع بعض الانتعاشات هنا وهناك ، إلا أن نكهة واضحة تمثل التيار الوطني الديمقراطي لم تعد موجودة بسبب ذوبان نوابه داخل تكتل نادرا ما التزم أعضاؤه بموقف موحد فيما بينهم عدا مساندة الحكومة
ولعل استمرار هذه الكتلة على حالتها المفككة لن تكون سوى الشر بعينه على كل أعضائها، فمع تردد أنباء الصفقات التي تعقدها الحكومة مع بعض النواب سيصيب شرر تلك الأقاويل كل من ينتمي إلى تلك الكتلة، كما أن وجود بعض النواب المشهورين بعنصريتهم ضد أبناء القبائل في تلك الكتلة سيأخذ الكل بجريرة البعض، وستمتد كما امتدت هذه العيوب إلى كل عناصر التيار الوطني الديمقراطي الذين لم تتزحزح مواقفهم في الشارع عن كل المبادئ التي سار عليها رموزه كالدكتور أحمد الخطيب وجاسم القطامي وعبدالله النيباري والمرحوم سامي المنيس

وفي الختام أريد توجيه هذه الرسالة إلى النائب صالح الملا بحكم كونه ممثل المنبر الديمقراطي في مجلس الأمة، إن معركتنا السياسية والاجتماعية والانتخابية في كسب الناس، هي معركة عقول وإقناع بالدرجة الأولى، فنحن لا نشتري الأصوات ولا نخوف الناخبين بالدين، ووضعك في هذه الكتلة الحضرية وضع خاطئ، فاحسم أمرك في شأن كتلة العمل الوطني الضبابية ، فليس فيها ما يحزن عليه لو قررت الخروج منها، فلا رؤية واضحة ولا رقم ثابتاً ولا تصويت على قلب واحد، فاعمل ونسّق مع الأقرب لك وافعل كما فعل غيرك، وهو التعاون مع كل المبادرات الإصلاحية سواء من الحكومة أو زملائك النواب، وتذكر أن كل عيوب هذا الوضع المقلوب ستجعلك في خانة المدافع عن أخطاء لم ترتكبها أو تفكر يوما في ارتكابها

الفقرة الأخيرة : أقسم بالله لو كنت مكان مدير الجامعة لاستقلت على الفور بعد أن أصبح منصبي ورقة تلعب بها الحكومة كما تشاء