Thursday, October 28, 2010

شب الليت .. طف الليت


الكويتيون تحت الاحتلال كانوا أكثر تحضراً من هذه الأيام ونحن ننعم بالحرية، إننا اليوم أكثر تطرفاً في تعاملاتنا مع أنفسنا ومع الآخرين، ونظرتنا إلى مفهوم الحقوق والواجبات تنبع من عقدة التفوق المبنية على أوهام الانتصار الحتمي على كل ما هو مختلف دون عمل أو جهد

لدي مقياس بسيط أعتمد عليه في قياس مدى تحضر أو همجية أي شعب أو مجموعة من البشر، وهو قطع التيار الكهربائي عنهم وبشكل كامل لمدة ثلاثة أيام عن جميع مرافق الحياة، وتركهم يعيشون تجربة الحياة الخالية من الأجهزة الكهربائية
وأعلم جيداً أن ذلك المقياس فيه الكثير من القسوة، وهناك من سيقول لي: وماذا عن المستشفيات، هل ستقطع عنها الكهرباء ويموت المرضى من أجل مقياسك؟ جوابي هو بالتأكيد لن أقبل بذلك، ولكني أعتمد على الحوادث الطارئة مثل موجة الحر التي أصابت الولايات الغربية في أميركا قبل أشهر، وتسببت في قطع التيار الكهربائي عن مدينة كبيرة مثل مانهاتن ، وبناء على تلك الأحداث الطارئة أقوم بمتابعة الأخبار وأبحث عن التصرفات التي يمارسها الناس في تلك المدن التي توصف بأنها متقدمة، وأقارنها مع ما يحصل يومياً في دول العالم الثالث الفقيرة، لأجد في النهاية أن البشر هنا أو هناك هم من نفس العجينة إذا ما توافرت لهم الظروف المناسبة للتحضر دفنوا في أعماقهم كل صفات التوحش، والعكس صحيح إذا ما توافرت الظروف المناسبة للتوحش تبخرت في لحظات كل صفات التحضر
ضمن هذا المؤشر أستطيع القول إن أغلبية الكويتيين أيام الاحتلال العراقي كانوا شعباً متحضراً تحدى جميع الظروف المحفزة للحياة البدائية، وحتى أكون موضوعيا لا أعلم إلى متى كانوا سيبقون على حالهم، ولكنهم بالتأكيد تفوقوا على شعوب أخرى لم تصمد سوى أيام حتى بدأت فيها عمليات السلب وتجارة الحرب التي لا تعرف معنى الإخلاص للوطن، الكويتيون في الغزو وقفوا في طوابير الخبز الأسمر لساعات وساعات للحصول على كيس أو كيسين لم يتأففوا، ولم يتخط صغيرهم كبيرهم، ولا أقواهم أضعفهم، والأجمل أن غير الكويتي كان يتخلل صفوفهم ولم 'يرفسه' أحد بحجة أن الكويت للكويتيين فقط
كان الجار يعمل حارساً دون مقابل لبيت جاره المسافر، ولا يرتاح حتى يتأكد أن جيرانه البعيدون سينامون وبطونهم مليئة بالطعام، وفي الطرقات كان الكويتي يحترم إشارات المرور رغم أنها 'عطلانة'، وإذا ما وقع حادث مروري لا تسمع غير جملة 'فداك السيارة المهم أنت'
خلاصة القول : الكويتيون تحت الاحتلال كانوا أكثر تحضراً من هذه الأيام، ونحن ننعم بالحرية، إننا اليوم أكثر تطرفاً في تعاملاتنا مع أنفسنا ومع الآخرين، ونظرتنا إلى مفهوم الحقوق والواجبات تنبع من عقدة التفوق المبنية على أوهام الانتصار الحتمي على كل ما هو مختلف دون عمل أو جهد
إننا نعيش لحظة تاريخية غاية في الخطورة تتلخص في الشعور بانعدام المساواة، وعند هذه اللحظة تغيب دولة القانون، وتبزغ دولة الطبائع البشرية المتوحشة التي تأخذ حقها بالقوة المفرطة، انظروا حولكم جيداً وتفحصوا كل الحوادث الأخيرة في السنوات الخمس الماضية واسالوا أنفسكم من جديد: هل الكويتيون شعب متحضر؟

الكويت من دون مقياس 'شب الليت... طف الليت' تحولت إلى غابة يا ويل الفقير فيها

الفقرة الأخيرة : خيراً فعلت الحكومة عندما وأدت لجنة الشباب والرياضة وتركت لجنة الظواهر السلبية تعود إلى الحياة رغم أنها لجنة مؤقتة حالها حال لجنة الرياضة، فهكذا يكون البرهان على حياديتها في ملف الرياضة؟ وما يتبقى هو الرد العملي من كتلة الحضر التي دفعتها الحكومة دفعاً نحو المعارضة، ولايزال بعض أعضائها متمسكاً بخندق العقلانية الذي هو في حقيقة الأمر نفس المكان الموجود فيه الدستور الذي يحمله سمو الرئيس طوال الوقت

Thursday, October 21, 2010

بغوها في السور جت في سكوب


'زين يسوون فيهم'، 'قناة الفتنة'، ' يستاهلون أكثر'، والأخطر ' يا ليتنا كنا معاهم '، يا سبحان الله الكثيرون 'بغوها' في قناة 'السور' وخرجوا مستنكرين وغاضبين في الأندلس والعقيلة وغيرهما وخاتمين بعد كل مسيرة احتجاجية 'الوعد قدام يا الساقط ' ورغم كل ذلك لم يمس أحد شعرة في رأس مالك قناة ' السور' مع أنه تلفظ بما يجعل من كلام 'لاري كينغ' يوم السبت الفائت أنشودة تُغنّى للأطفال قبل نومهم، ولكن هذه هي الدنيا- في الكويت طبعاً - الغلط على أصول الناس في فهم الحكومة يدخل تحت مظلة حرية التعبير، وعقد الندوات والتجمعات التي حللها الدستور يشكل تهديد للوحدة الوطنية! وعندما مست النار ثوب بعض أبناء الأسرة الحاكمة، وضع القانون على مشجب مساطر سمو الرئيس وتم اللجوء إلى القضاء فوق المستعجل والذي يعني ' خذ حقك بذراعك ' وبدلاً من أن تأتي في ' السور' أتت في قناة 'سكوب'
في الاختبارات الحقيقية يسهل اكتشاف أصحاب المبادئ من الممثل المزيف فهناك من يتقمص دور نيلسون مانديلا في مناهضة العنصرية وداخل شرايينه تجري دماء هتلر، وغيره يلبس قناع الأم تيريزا في مسرحية مساعدة الأطفال الفقراء وتحته يحتجب وجه الجزار شارون، وفي الأحداث التي رافقت قناة 'سكوب' (تهمة التحريض، والتطاول، والاقتحام) الرؤية واضحة جداً... ففي البدء وزارة الإعلام لم تأتِ بجديد وهذا ما كنا نحاربه منذ زمن ولا نجد غضاضة في إعلان تضامننا مع قناة 'سكوب' ونقول لملاكها أهلاً بانضمامكم إلى نادي الانقلابيين ودهشتكم نعرف والله أسبابها ، فأنتم صرّحتم بأنكم وقفتم مع سمو رئيس الحكومة ووزرائه ، وأبديتم انزعاجكم من تقربهم لمن يرفع ' الكارت الأصفر' بوجه الأسرة الحاكمة، ورفعتم شعار نبيها هيبة وحشدتم الناس ضد حملة 'ارحل'، وبعد كل هذا التعب في الموالاة فإن الحكومة قلبت علينا!
أما في قضية التطاول على أسرة المالك الكريمة على لسان الزميل طلال السعيد فما قام به هو تفسير واضح لمعنى الموالاة 'السكوبية' التي لا تعني موالاة كل الأسرة الحاكمة وإنما موالاة أطراف فيها، لذلك تم تصويب الرشاش الأسبوعي بسهولة بالصورة التي شاهدها الجميع على الهواء مباشرة، وأما ما قام به المتضررون من كلام السعيد من تخريب متعمد لا يعكس سوى حالة الفوضى التي تعيشها الكويت أخيراً، وأن يأتي ذلك الفعل من أفراد من الأسرة الحاكمة فذلك شيء يدعو إلى القلق المضاعف.
في الختام كان اختبار قناة 'سكوب' فرصة متجددة لمن اكتشفوا الديمقراطية بالمصادفة المحضة و'دوشونا' بأسطوانة الدفاع عن الحريات العامة، وفي كل اختبار كانوا يقعون بصورة مريعة، خصوصاً إذا كان المجني عليه لديه سوابق كثيرة في التهجم على فئات واسعة من الشعب، قبائل وعوائل وطوائف وتجمعات وجمعيات ونشطاء، وكنا نؤمل النفس أن يتعلم مكتشفو الديمقراطية من الدروس المتلاحقة دون جدوى، فلم يتساموا فوق جراحهم، بل تركوا مواقفهم رهينة لغضب الأيام السابقة، وكشفوا عن حقيقة أنهم مجرد انتقائيين يرون أن الحرية تعني حريتهم هم فقط، أما حرية الآخرين فهذه مسألة فيها 'أخذ ورد'
لدي سؤال مهم كم من الغاضبين ينتظرون دورهم؟
الفقرة الأخيرة : من استنجد بطلب الهيبة على فهم 'نبيها هيبة'، كان أول من نزلت عليه سياط الهيبة

Thursday, October 14, 2010

جمعيات الدشاديش القصيرة



لن أدعي وصلاً بالكاتب الكبير محمد مساعد الصالح، فلم تجمعني معه سوى لقاءات لا تؤسس لعلاقة متينة تزخر بالتواصل المباشر، ولكوني عوضت ذلك بالتواصل معه من خلال كتاباته اليومية في 'القبس' كما سعيت إلى قراءة مقالاته العروبية أيام كان في 'الوطن' الأسبوعية
في عام 1998 إذا لم يخب ظني انتشرت إشاعة تلاحق عادة فناني السينما وهي أن 'بوطلال' انتقل إلى رحمة الله، وقد نفاها هو بنفسه وشكر كل من سأل عنه، ومنذ ذلك الحين وأنا ألحظ أريحيته في التعامل مع فكرة الموت، وهو ما ينم عن إيمان عميق بأن لكل أجل كتاباً بعكس بعض 'الشياب' الذين يفرون من سيرة الموت كأن عفريتاً ظهر أمامهم، وليقيني أنه صاحب نكتة من الدرجة الأولى ولا أشك أن 'بوطلال' أعجب بطريقة بعض الشعوب في توديع موتاهم، إذ تقام لهم حفلة منزلية يحضرها الأقارب والأصدقاء لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على الجثمان المسجى في تابوت وسط صالة المنزل
إشاعة الموت كشفت لي عن حجم الفراغ الذي يسببه غياب كاتب بوزن 'بو طلال' عن دنيا الصحافة والناس، وهذا ما وقع فعلاً يوم الخميس الماضي عندما رحل عنا مخلفاً قلمه ونظارته على مكتب 'مشيخة' كتاب الكويت ليتركنا نواجه مدرسة 'الألسن الزفرة' والأقلام الموجهة عن بعد التي يزداد عدد طلابها يوما بعد يوم
رحم الله محمد مساعد الصالح وأسكنه فسيح جناته وأنصح من يريد قراءة مقالاته السابقة باقتناء كتابيه 'جمعيات الدشاديش القصيرة' و'قال بوطلال حفظه الله- الله بالخير' الذي يتضمن فصلاً يروي سيرته التي كتبها بنفسه
***
تعرفت على القات لأول مرة في أواخر عام 2002، ودون شك في صنعاء وليس في سويسرا مثلاً، تلك المعرفة لم تتجاوز تقليب تلك النبتة التي عشقها اليمنيون لدرجة الإدمان، في 'المقيل'، وهو مثل الديوانية يدخل الرواد وكل يحمل كيسه المحشو بأعواد القات المورقة لتبدأ عملية 'النتف' وحشر الأوراق على أحد جانبي الفك إلى أن ينتفخ الخد ويصبح مثل خد 'سي حنفي' الممتلئ بالبيض في مسرحية 'المتزوجون'، والفكرة من 'تخزين' القات في الفم لساعات وساعات هي وصول عصارة الأوراق للمخ، وهو ما ينشط متعاطيها في البداية ثم تصعد به إلى مرحلة السلطنة التي تحول 'المقيل' إلى مربد للشعر أو مركز للدراسات الاستراتيجية لكثافة الطاقة التنظيرية التي تحتويها عصارة القات، وبعد تناقص مفعولها تخمد ثورة الكلام ليحل الصمت مكانها ثم ترفع الجلسة لتعقد في موعدها اليوم التالي دون مناقشة لمحضر الجلسة الماضية التي مسحت من الذاكرة
مناسبة الحديث عن القات هو الحراك الجنوبي في اليمن ولمن لا يعرف الجنوبيين فهم لا يتعاطون القات مثل الشماليين لذلك هم في حالة حراك لا يتوقف، ولو أن الحكومة اليمنية شجعت الجنوبيين على تعاطي القات لانفض جمعهم دون حرب أو قتال، ومن يرد ويقول إن الحوثيين شماليون ورغم ذلك تمردوا أقول بعد انقطاع التموين تحركوا
نفس النصيحة أوجهها للحكومة الكويتية، ولكن ليس بتزويد الشعب بالقات بل بأن ترفع يدها عن المقاهي وتتركها مفتوحة على مدار الساعة فهي مثل 'المقيل' يتلاشي فيها الكلام كتلاشي الدخان

Thursday, October 7, 2010

لا تسألوا الصاحي عن الماضي


يجسد النائب أحمد السعدون مقولة 'العبرة بالأداء وليس بالعمر'، فهو بسم الله ما شاء الله، يقوم بواجباته النيابية كأن الزمن متوقف عند عام 1975 عندما نجح في الانتخابات النيابية لأول مرة ، دقيق كل الدقة ، ملم بمدارات الكلام وإن اتسعت بالأحاديث الجانبية، عيناه كالكاميرا يكفيها أن تراك مرة حتى يفتح لك 'فايل' مع صورة 'أربعة× ستة'، يمتلك قدرة ملاحظة يحسده الشباب عليها، وآخرها تلك الوقفة المهيبة في سهرة الاستجوابات الأربعة التي نبه فيها رئيس مجلس الأمة- والبعض نيام- بضرورة تعديل موعد جلسة طرح الثقة بوزير الداخلية بعد أن تجاوزت الساعة منتصف الليل ودخل ميقات اليوم الجديد.
وبسبب 'بوعبدالعزيز' أعترف هنا علناً أني تخليت عن نظرية الإزاحة السياسية لرموز العمل الوطني الديمقراطي التي اعتنقناها أيام الجامعة ، لأنه لم يكن من المعقول أن نطالب بضرورة تداول السلطة ورموز المعارضة موجودون في مواقعهم منذ الأزل، ولكن واقع الانتخابات التي يعين فيها الناخب النائب ومقولة 'العبرة بالأداء وليس بالعمر' هما اللذان غيّرا أفكاري بشكل عام، ودفعاني بشكل خاص إلى أن أبوح للنائب السابق عبدالله النيباري بما كنا نفكر فيه ونحن في عز حماسة الشباب، ربما لأنه شارف على فقدان حياته بسبب رصاصات سراق المال العام، وهذا برأيي شيء كاف لأن أخجل وأصوّت له في كل انتخابات ولا أفعل كما فعل غيري الذين استبدلوا التاريخ والخبرة والأداء بنائب 'متسلفف' نسبة إلى السلف، جاهر بمعاداة حق المرأة بالمشاركة السياسية حتى لو عاد الزمن إلى جلسة المرأة التاريخية، ومع ذلك أقبلت عليه ناخبات 'جاردن سيتي' مرة ثانية، ولكن لا بأس هذه هي الديمقراطية بحلوها وطينها.
أعود إلى 'بوعبدالعزيز' لأقول إن الصورتين المنشورتين له يوم الاثنين الفائت في 'الجريدة' والزميلة 'الراي' في محاولة لتذكيره بمواقفه المؤيدة لمشروعية غرفة التجارة وأي محاولة شبيهة طريقها مسدود ، فالسعدون لا يحتاج إلى تنشيط ذاكرة لأنه الذاكرة ذاتها، فهل نفع الضغط عليه من قبل كي يساند حقوق المرأة السياسية وهو داعية احترام الدستور الذي يعرف أن قانون الانتخاب الذكوري باطل؟ وهل تظنون مثلاً أنه غائب عن سياسات الحكومة المتعسفة هذه الأيام ضد إقامة الندوات دون غطاء قانوني ، ولكنه رجل لديه حسابات معقدة ومواقيت لا يعرفها أحد غيره
كان الأجدر مثلاً البحث في أسباب 'قلبة' السعدون على الغرفة وكيف أصبح هو وكورال الشيخ أحمد الفهد النيابي واقفين على خط واحد بعدما اكتشفوا بعد 'سنين الطواعين' أن في الكويت غرفة للتجارة والصناعة؟ خمّنوا فقد يكون ما يفعله هو رد على تحرشات بعض الصحف المحسوبة على الغرفة به منذ سنوات عدة بالمانشيتات الملونة والصور الباهتة ، ابحثوا فقد تجدون تفسيراً منطقياً لما يحصل
خلاصة القول إن النائب أحمد السعدون يعلم مسبقا أن إعلان موقفه من مشروع قانون غرفة التجارة الجديد له ثقل خاص، لذلك هو ممتنع عن إعلان موقف واضح ، لأنه كما قلت من قبل هو رجل لديه حسابات معقدة ومواقيت لا يعرفها
أحد غيره

الفقرة الأخيرة: ليسقط 'الدقوس' وكل من رفع سعر كرتونة الطماطم... وإلى أن تعود الأسعار إلى وضعها الطبيعي أعلن أني ملتزم بحملة 'خلها تخيس'... والله الموفق