Thursday, January 20, 2011

البطل الصامت


في هذه الأثناء وبينما جيل الآلة الكاتبة يحاول تلمس طريقه في استخدام ميزة المنبه في الهاتف النقال، انقلبت أحوال أبناء قبيلة 'التوت الأسود' وكتائب 'الآي فون' رأساً على عقب، قبل أربع سنوات فقط كان 'اللاب توب' لا يخرج من المنزل كثيراً وثورة 'البلوغرز' للتو اشتعلت بسبب حملة 'نبيها خمس'، وبعدها بسنة ظهرت صحيفة 'الآن الإلكترونية' وقبلها 'الفيس بوك' لتصنع جميعها عالماً افتراضياً نحصل فيه على الخبر والتحليل في التو واللحظة دون تأخير أو تضليل
كل ما سبق كان كافياً ومشبعاً حتى بلغ الانحراف الإعلامي أقصى درجاته، فالفضاء تشبّع بقنوات التدليس وإبراز كل من لفظته البيئات النظيفة ليسمم عقول الناس بساعات بث لا متناهية، صحف تقدمية أدمنت الإجازات المرضية حين ينادي المنادي، وصحف أخرى تعيش حالة انفصام، فمرة تكون هي ومرات تكون 'مستر هايد'، وكتاب بارزون كانوا في مقدمة الدفاع عن المكتسبات الدستورية فآثروا البقاء في المؤخرة وتبرير كل ما يصعب الدفاع عنه... باختصار كان كل ما يشاهده الناس أمامهم وفي 'اليوتيوب' شيئا، وكل ما يروى ويكتب على لسان من سبق شيئاً آخر. وأتى تاريخ الثامن من ديسمبر وهو تاريخ أحداث ديوانية الصليبيخات ليكون يوماً مفصلياً في تاريخ أبناء قبيلة 'التوت الأسود' وكتائب 'الآي فون' حيث توجه الجميع إلى حفلة 'التويتر' الدائمة ليبحث عن مكان فيها، حتى النواب دخلوا من دون استئذان وسهروا حتى ساعات متأخرة، وقبل أن أنسى فقد دخل معنا العسس ليؤدوا أعمالهم بالأمانة والصدق
قبل أن نخوض في هذه المسألة علينا أن نشرح قليلا، فكل مواقع التواصل الشهيرة والبريد الإلكتروني تم تكييفها بنماذج مصغرة لتدخل في هواتفنا النقالة التي أصبحت جهاز كمبيوتر حقيقياً ملتصقاً بنا أغلب الأوقات، وآخر نموذج 'هب' فيه الكويتيون هو 'التويتر'، إن التغريدة الواحدة تكتب بحد أقصى 140 حرفاً فقط أي أن 'الهذرة' ممنوعة والاختصار سيد الموقف، ولأن أغلب شبابنا لا يكتبون عادة فقد وجدوا في العصفور الأزرق ضالتهم، كل من حضر ندوة أو شاهد برنامجاً يمكنه التحول إلى صحافي ميداني وينقل ما يراه بكتابة تغريدات متلاحقة بصورة أفضل من خدمات الرسائل الإخبارية
في الختام لقد عشت تجربة شخصية مع عالم 'تويتر' الذي دخلته في 4 مارس العام الماضي بحساب (@KuwaitDaily) وقبل 8 ديسمبر كان لدي 300 متابع، وبعد أن كتبت عن أحداث الصليبيخات ارتفع عدد المتابعين ليصل إلى حوالي 1200، تلك التجربة هي درس لمن يعتقد أن الكويت يمكن تغطيتها ببطانية سميكة... أقول هيهات!

الفقرة الأخيرة: 'التويتر' بطل صامت لأن إنجازاته الإخبارية تتم بصمت ودون ضجة

Thursday, January 13, 2011

على دوسة واحدة

'لف وارجع ثاني'، هذا هو وضعي وأنا أكتب هذا المقال، فبينما كنت أشخص وأحلل في موجة التويتر الكويتية، نزل عليّ خبر استجواب وزير الداخلية بعد مرور أسبوع واحد فقط من نهاية جلسة مناقشة طلب عدم التعاون، والسبب مقتل متهم في أثناء التحقيق معه في أحد المخافر

في مثل هذه القضايا بالذات علينا تذكر أن كون القتيل متهماً بالاتجار بالخمور لا يعني 'إباحة دمه' أو هدر كرامته لأنه بنظر الدستور بريءٌ حتى تثبت إدانته والمادة (34) واضحة 'المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع، ويحظر إيذاء المتهم جسمانياً أو معنوياً'، أما المادة (31) في شطرها الأخير تنص 'ولا يعرّض أي إنسان للتعذيب أو للمعاملة الحاطة بالكرامة'، والدستور هنا حدد الإنسان ولم يقل الكويتي فقط لأن التعذيب أمر مرفوض إنسانياً وأخلاقياً ودينياً

إن قضية القتيل 'المتهم' التي تدافعت ردود الأفعال النيابية والحكومية حولها، تثير مجموعة من النقاط يجب التوقف عندها، أولها وجود تضارب قوي حول الحادثة، فالنواب يتحدثون عن تعذيب بشع للمتهم ووزارة الداخلية تؤكد أن المتهم قاوم القوة المكلفة بضبطه بسكين ولوح خشبي إلى أن تم القبض عليه، وأكدت الوزارة أن المتهم اعترف بجرمه وليس هناك ما يدعو للحصول على أي اعترافات تحت ضغط أو إكراه! يعني لو لم يعترف لتم انتزاع الاعتراف منه بالقوة، وفي نهاية البيان تؤكد الوزارة أن المتهم وافته المنية بصورة طبيعية

النقطة الثانية، وهي باعتقادي علّة العلل فتتمثل في فقدان قطاع من الناس الثقة بوزارة الداخلية بسبب عدم حياديتها وتصريحاتها المتناقضة، وآخرها ما حصل في أحداث 'ديوانية الحربش' والمؤتمرات الصحافية لقيادات الداخلية التي حمّلت الرصيف مسؤولية ضرب وسحل الناس مع أن الصور والفيديو تكذب ذلك

النقطة الثالثة: أثبتت الحكومة أنها لا تستجيب سوى عند الضغط، فبالأمس رفضت تشكيل لجنة تحقيق برلمانية، وبعد التلويح بالاستجواب وافقت على تشكيلها، النقطة الأخيرة وهي تتعلق بمصير كتلة 'إلا الدستور' فيجب التأكيد أن ضبط سرعات الكتل الثلاث على 'دوسة' واحدة هو الضمانة الوحيدة لاستمرارها، وهو ما لن يحصل، فالتكتل الشعبي منطلق بالسرعة القصوى ويريد رئيس الحكومة ووزير الداخلية بأي طريقة، وكتلة الإصلاح والتنمية سرعتها أقل بقليل ولو سلم أمرها لجمعان الحربش لتفوقت على الجميع، ولكن واقع الحال يكشف أن فيصل المسلم والطبطبائي يريدان نفس ما يريده التكتل الشعبي، أما كتلة العمل فسرعتها هي الأقل لأنها تنطلق من مدرسة مختلفة في أسلوب المعارضة، وإن كانت لا تدخر وسعاً في محاولة إسقاط الحكومة متى ما توافرت الحجة والأسباب كما حصل في 'ديوان الحربش'، أما النواب المستقلون فمن الضروري 'تعقيل' البعض منهم حتى لا تهدر كل الإيجابيات التي تحققت في الأيام الأخيرة

في الختام أؤكد أن تقديم الاستجواب الأخير لوزير الداخلية بهذا الأسلوب المتعجل لن يكون سوى ورقة ثمينة وضعت في يد فريق 'إلا الرئيس' الذين سيبدؤون بتسخين الدفوف والصاجات فرحاً بالأزمة الجديدة

الفقرة الأخيرة: المكان الطبيعي للنائب الوطني حسن جوهر هو في كتلة العمل الوطني، اذهبوا إليه ولا تنتظروا قدومه ترى 'بومهدي... يستاهل'

Thursday, January 6, 2011

خياطين فتاوى


لقد عبَرَ سمو الرئيس جلسة التصويت على كتاب عدم التعاون كما كان متوقعاً، وسجل في تلك الجلسة كل من أراد تسجيل موقفه ضد الحكومة التي اعتدت على كرامات الناس وانتهكت حرمة المنازل، بالأمس انجلى غبار أزمة امتدت لشهر كامل ما كان يجب أن ندخل فيها لولا حكمة المستشارين وندماء الخيبة. وقد تتكشف بذور أزمة جديدة ستثمر قريباً لا محالة، وأولى بوادرها ظهور الجاهل على قناة 'اردح واربح' كما فعلها من قبل بعد نهاية يوم الاستجوابات الأربعة، وتفعيل 'الخلايا الميتة' في قانون المرئي لوقف بث قناة 'مباشر'، إضافة إلى أن 'الفئة الضالة'- كما يروج الأستاذ أحمد الجارالله- قد عرفت طريق العشرين صوتاً وأكثر ولن تتوقف حتى تتحقق مطالبها وليس أقلها رحيل الحكومة بأكملها
يوم أمس كان هناك مَن سجل موقفاً يستحق الثناء طويلاً وهو النائب حسن جوهر الذي صمت صمت الهامات الكبيرة لكي يعلم بعض 'المطافيق' من نواب كتلة 'إلا الدستور' أن جمع الناس تحت عباءة الوطن الواحد لا تكون باللسان السليط والتهجم على معتقدات الآخرين وكأنهم ليسوا مواطنين حالهم من حالهم
إنني شخصياً أشكر جوهر لأنه 'مرمر' كبد بعض النواب قبل أن يلقنهم درساً في الوطنية، ويكون هو النائب الوحيد من أبناء الطائفة الشيعية الذي أضفى على كتاب عدم التعاون صبغة التمثيل الكامل لكل أبناء الشعب الكويتي، وهذا الموقف من صاحب الموقف الحقيقي لا التمثيلي، ليس بغريب على جوهر الذي كان دوماً موجوداً وفاعلاً في الهم الوطني، وحديثه في 'العقيلة' لايزال عالقاً بالذاكرة كأحسن متحدث في ذاك اليوم
للرئيس المصري الراحل أنور السادات مقولة شهيرة هي 'لا دين في سياسة ولا سياسة في دين' أضطر إلى ترديدها بعد أن تضخم الوحش الذي أخرجه من قمقمه وبات عاجزاً عن السيطرة عليه إلى أن التهمه بفتوى إهدار الدم. تحولت الكويت الدستورية، كما نعرف وكما نريد، خلال الأسابيع الثلاثة الماضية إلى ساحة للفتاوى المعلبة التي صورت تفعيل أدوات المساءلة السياسية كما نص عليها الدستور وكأنها معصية لله ولرسوله الكريم ولولي الأمر، ولأن نفس المستشار الذي أوقع الحكومة في الحفر السابقة والقادمة قد استخدم هذا السلاح فقد تم التعامل مع فتاوى 'خياطين السلطة' بسهولة ويسر، فأولاها أن ولي الأمر، وهو صاحب السمو أمير البلاد قد عبّر في لقائه مع رؤساء تحرير الصحف عن ترحيبه بمساءلة أي وزير تحت قبة البرلمان، وثانية تلك الفتاوى تتحدث عن أمر شبيه بنشوب منازعة على الحكم، وهذا ما لم يحدث فما علاقة الاستجواب بالحكم، غير المزايدة المكشوفة على حب سمو أمير البلاد والأسرة الحاكمة؟
الشيء المحزن هو اعتماد النائبين خالد العدوة ومحمد الحويلة على حجة الفتاوى الشرعية للتغطية على رغباتهما الحقيقية في مؤازرة رئيس الحكومة وكأن فريق الاستجواب يخلو من المطاوعة القادرين على تحطيم فتاواهم بضربة واحدة، فما السؤال الشرعي الذي وجه؟ ولمن من المشايخ؟ وما الرد؟ والسؤال الأخير 'الدنيوي' متى وكيف تمت استشارة أهالي الدائرة الخامسة وأنتما خارج الكويت؟... 'يا خسارة بس'

الفقرة الأخيرة: بخلو مقعد النائب حسين القلاف... سأترشح مكانه