Wednesday, March 31, 2010

صالح على الراي


تستضيف قناة الراي النائب صالح الملا يوم غد الخميس ويحاوره المذيع عبدالله بوفتين في جميع القضايا التي اثيرت في الآونة الأخيرة
---
اتمنى من بوفتين أن لا يوجه أي سؤال للملا في الشأن الرياضي
ويركز كل حواره حول القضايا السياسية المحلية
وأتمنى أن يوجه له السؤال مني له
هل ما يسمى بكتلة العمل الوطني أصبحت كتلة حضر؟؟؟

Thursday, March 25, 2010

جمعان في بيتي


المرأة الزاعقة وجدتها منقبة وبجانبها تقف طفلة منقبة أيضاً، متوارية بسواد أمها وتقلدها في صياحها، باب البيت كان مفتوحاً على مصراعيه، وطابور من الرجال المتجهمين يدلفون بحرية وكأنهم أصحاب المنزل، كانوا جمعين، جمع توجه إلى المكتبة يساراً، والثاني إلى غرفة المعيشة يميناً، حيث يتوسطها تلفزيون طويل عريض، وبين الجمعين شاهدت طيف الفنان المرحوم ماجد سلطان بلباس لجنة التثمين في مسلسل 'درب الزلق' ومعه عوني مسؤول قياس المساحة

وقفت حائراً بين المنقبة التي تزعم أنها زوجتي، والمجهولون الذين اقتحموا منزلي عنوة، ثم تحركت سريعاً للسيطرة على الموقف، أمرت المنقبة بالذهاب لغرفتها، وتوجهت إلى جمع المكتبة الذي كان من فصيلة 'هزار'، وهو أحد أبطال 'طاش ما طاش'، يتقدمهم موظف يدعى هايف، سألته زاجراً: بأي حق تدخلون بيوت الناس؟ فرد عليّ بهدوء الواثق: خذ واقرأ هذا القرار، لقد أبرمت وزارة الإعلام مع 'لجنة الظواهر السلبية' اتفاقاً يخوِّل للجنة صلاحيات التفتيش والضبط والمصادرة للكتب التي تراها ضارة بأخلاق المجتمع والنشء، دون إذن أو إخطار

أحد الهزارات كان يجمع الكتب بفرح غامر ويضعها فوق كرشه، ولأني عرفت أين يتجه هواه دسست له كتاباً لزكريا أوزون، فشهق وسقط مغشياً عليه، وعندما هبّ زميله لانتشاله أطلعته على نفس الكتاب فشهق هو الآخر وسقط مغشياً عليه، وهكذا تساقط جمع هايف الواحد تلو الآخر فيا لضعفهم

الجمع الثاني كان من فصيلة 'أسعد عمر قلي'، وهو أيضاً من أبطال 'طاش ما طاش'، يتقدمهم موظف اسمه 'جمعان' وكانوا تخصص تلفزيون، كان جمعان ممسكاً بجهاز التحكم ويقلِّب بقنوات الكويت، البرنامج الأول يعرض تلاوة للقرآن الكريم، البرنامج الثاني يعرض ترجمة للقرآن الكريم، القناة الثالثة تعرض مسابقة للرماية وركوب الخيل، ثم قلب جمعان على قناة خاصة يردد فيها شخص ملتح عبارة 'تباً لكم... تباً لكم'

سألت جمعان نفس السؤال ورد عليّ بنفس الجواب، ثم قام بخلع تمديدات التلفزيون وحمله عنه بقية جيش المرابطين، وقبل أن يغادر جمعان بيته أو بيتي لا فرق قال لي مهددا: لا تكررها، لقد خالفت القانون بشراء تلفزيون ملون والغرامة هي المصادرة، وانتظر زيارتنا القادمة التي قد تكون بالليل وهمَّ خارجاً

شعرت بدوار شديد وعجز كامل عن الحركة وأنا أشاهد الغرباء وهم يعبثون ببيتي ومملكتي ومساحتي الحرة، وينهبون ما يرونه مخالفاً ببركة ومساندة حكومتنا الإصلاحية ومجلسنا المحافظ، وبينما على هذه الحالة وقعت عيناي على جريدة أراها للمرة الأولى اسمها 'الرؤية السلفية' مانشيتها الرئيس هو 'الخرافي: المجلس معلق حتى تحضر الحكومة... والشعبي قرر التخييم داخل قبة عبدالله السالم'، و'كتلة العمل الوطني تبرر خطوة الحكومة بانشغالها بتنفيذ خطة التنمية'، و'محمد هايف يعلن مواصلة أعمال لجنة الظواهر السلبية'

أما الأخبار الفرعية فكانت: 'افتتاح استاد جابر في 2030'، و'مؤشر البورصة... سقوط حر'، و'العجيري: سنرى الثلوج قريباً في الكويت'، و'الأشغال: استمرار أعمال الصيانة في محطة مشرف'، و'تأسيس قوى 18-18 برئاسة عباس الشعبي'، و'فتوى للأوقاف تبيح إهدار دم لاعبات كرة القدم'

دوار الرأس تحول إلى صداع قوي وسقطت الصحيفة من يدي وسقطت معها، وما هي إلا لحظات حتى أفقت، لقد كان كابوساً مزعجاً والذنب ذنبي لأني 'تعشيت' من كباب الحجة، وأكثرت اللحم وزدت اللبن، حتى تلقيت هذه النتيجة... رؤية مستقبلية لكويت الغد التي تحكم فيها 'لجنة الظواهر السلبية' حياتنا الخاصة والعامة

***
تصلني بشكل متلاحق أخبار تحركات مجموعة من البدون خارج الكويت، وتحديداً في لندن، بهدف تدويل هذه القضية وإبرازها بصورتها الحقيقية أمام العالم بعد عامين من الحوار بين تلك المجموعة والحكومة الكويتية

وقد تم اتخاذ مقر لتلك الحملة وناطق رسمي باسمها، كما بدأت بفتح باب التبرعات، ونظراً لكوني داعماً للحقوق كافة الإنسانية والمدنية للبدون في الكويت، فإني أناشد كل الناشطين منهم داخل الكويت ضرورة التنسيق والإشراف على الخطاب الإعلامي لأي طرف يدّعي تمثيلهم، حتى لا تختلط الأوراق في هذه المرحلة التي وصلت فيها قضية الحقوق الإنسانية للبدون مرحلة متقدمة داخل مجلس الأمة

الفقرة الأخيرة : أؤيد وصول المرأة إلى منصب القضاء وسلك النيابة العامة وكفى

Tuesday, March 23, 2010

Monday, March 22, 2010

طلال في كاظمة والخرافي في القادسية

تدور هذه الايام منافسات سياسية تتم بغطاء رياضي بين رئيس البرلمان ورئيس ملف التنمية حيث علمنا من مصادر موثوقة انه بات في حكم المؤكد خوض السيد أنور الخرافي انتخابات نادي القادسية الذي يقوم أنصار خلال هذه الايام يتسجيل اكبر قدر من الأعضاء المؤيدين له 
وفي المقابل يقال أن هناك عمليات تسجيل واسعة يقوم بها الشيخ طلال الفهد بهدف الإستحواذ على نادي كاظمة الذي لا يزيد أعضاء جمعيته العمومية عن سبعمائة عضو أو أكثر بقليل بواسطة اللاعب الدولي السابق عبدالله معيوف علما بأن رئيس نادي كاظمة هو أسعد البنوان

Thursday, March 18, 2010

فرسان بني جوخ


'لم أتألم لشيء- بعد ذلك اليوم الأسود الذي غزت فيه الجيوش العراقية أرض الكويت- بقدر تألمي لصورة المظاهرات التي خرجت في بعض المدن العربية تضامناً مع ذلك الغزو، ولموقف القيادة الفلسطينية المساند للعدوان العراقي السافر...'.

'القبس الدولي'- 13 أغسطس 1990
 
'إن الانقسام الأخطر هو ذلك الذي حدث في التيار الإسلامي، فقد انشقت جماعات لها وزنها، يمثلها محمد سليم العوا وعبدالحكيم الشافعي ومحمد حسن درة، فضلا عن المسلمين المستقلين الذين يمثلهم فهمي هويدي، انشقت عن التيار الرئيسي للإخوان المسلمين وحزب العمل، واتخذت موقفاً يدين الغزو العراقي إدانة صريحة، بعد أن عمل التيار الرئيسي على تبرير هذا الغزو وتمييع القضية...'.

 
'الأهالي'- 29 أغسطس 1990

 
'كبار المثقفين العرب ممن كانوا يحرقون البخور لحكام العراق، ويشاركون بالتأييد والتهليل في مهرجاناته فاجأهم الغزو العراقي للكويت، ولم يعد في وسعهم تأييد عدوان مفضوح كهذا، فكيف خرجوا من هذا 'المطب'؟ قال بعضهم: لقد كان يدافع عن العروبة ضد الغزو الفارسي! وقال آخرون ببساطة شديدة: لم نكن نعرف!...'

'صوت الكويت'- 16 نوفمبر 1990

 
'كنت أتصور أن المثقفين بالذات، وبغض النظر عن حسابات الأنظمة الحاكمة ومصالحها، سيتخذون موقفاً إجماعياً ضد الطغيان... ولكن المفاجأة المذهلة، في هذا الحدث، كانت تساقط المثقفين في مشارق العالم العربي ومغاربه وفي بلادهم أو في المهجر، وأخذت هذه الأسماء اللامعة تتهاوى ملطخة بأوحال التنظير الزائف، والتبرير المتهافت، والمنطق المعوج...'

 
مقدمة كتاب 'الثقافة العربية وأزمة الخليج'- يونيو 1991

'إن منطق: انسوا الأسباب وركزوا جهودكم على مواجهة خطر التدخل الأجنبي، يسلبنا الحجة الوحيدة التي نعتمد عليها في الرد على سياسة الأمر الواقع التي ظلت إسرائيل تحاول فرضها علينا منذ بدء صراعنا معها...'.

 
'الأهرام'- 25 أغسطس 1991

 
وفي نهاية هذه المختصرات لطيب مواقف المرحوم فؤاد زكريا بحق الكويت، أتمنى من كل المعنيين أن يبادروا بإطلاق اسم فؤاد زكريا على أحد شوارع الكويت ليس فقط لمواقفه تجاه الكويت، ولكن لعلمه الغزير الذي أفاض به على طلبته في جامعة الكويت ولدوره المحوري في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وصدور سلسلة 'عالم المعرفة'، وليس على أحد أن يتحرج من كون الفقيد غير كويتي، فحسن البنا مؤسس حركة 'الإخوان المسلمين' لم يقدم للكويت سوى التفرقة وغيمة سوداء تظلل سماءها ورغم ذلك أكرمنا ذكره بإطلاق اسمه على شارع رئيسي بمنطقة الرميثية

***
مبروك مبروك بعدد حبات الرمل، مبروك مبروك بعدد قطرات المطر، سنة حلوة يا خوافين؛ 'حميتوا الحي ودافعتوا عن التنمية، والحكومة تقول لكم طلبوا وتمنوا يا فرسان بني جوخ، هل تريدون أرضاً في الروضة؟ أم جاخوراً في كبد؟ أم شيكاً بوزن طابوقة'
هذه التهاني والتبريكات بمناسبة مرور عام كامل على قرار حل مجلس الأمة السابق في نفس هذا اليوم، لقد حافظ نواب الخوف من الحل خشية على مصالحهم، عفواً على التنمية، وعلى عمر المجلس الحالي، وثبت أن تصريحات بعضهم بشأن المرحلة القادمة لم تكن سوى تأدية واجب، فالرئيس صعد المنصة ولم تغرق فيلكا، واستجوب وزير الدفاع ولم تنكشف أسرارنا العسكرية
الفقرة الأخيرة: أكثر ما ندمت عليه بمناسبة مرور عام كامل على الحل، هو تصويتي لنائبتي الدائرة الثالثة أسيل العوضي ورولا دشتي، بعد أن اكتشفت أني قد صوت لوزيرتين تلبسان ثياب النواب، الأولى غارقة في بحر التوهان لا تعرف متى تصوت ومتى تمتنع ومتى تعارض، والفضل بذلك يعود إلى خبرتها السياسية العميقة ، والثانية نصبت خيمتها أمام مقاعد الصف الأول و'يا ويل اللي قرب يم التنمية، راح ياكول علقة منيحة'
وقد يقول قائل ' تو الناس ' على حساب، وردي هو الجواب يُقرأ من عنوانه ودعوكم من هذرة اللجان ومشاريع الشيخ أحمد الفهد، لقد عزز الوقوف مع الحكومة دون حساب جنوحها نحو النوم ملء جفونها وتأجيل كل شيء، طالما أنها وجدت من يقاتل نيابة عنها وسيدبك في ساحة الإرادة فرحاً بكل وزير اجتاز اختبار طرح الثقة، فهذه حكومة لا تعمل سوى تحت الضغط ولا تنجز شيئاً سوى 'بالعين الحمرا'، يا نائبات الأمة، 'إن كنتن ستتذكرن ذلك'، قد لا تسمعن اليوم كلامنا ولكن غدا ستسمعنه وأنتن جالسات على الأرائك الوثيرة تحملن لقب نائبة سابقة وتشاهدن برنامج فوزية الدريع

Tuesday, March 16, 2010

دراسة للفيلي ننشرها كاملة

نشر الدكتور محمد الفيلي دراسة بعنوان المواطنة والقانون قبل يومين في احدى الصحف وقد خصنا بها كي ننشرها كاملة بعد أن وجد غياب فقرات كاملة وهامة منها وقد ظللت باللون الأحمر

---
المواطنة والقانون
لفظ المواطنة بالمفهوم اللغوي يقود إلى معنيين ؛ التوطن في مكان والارتباط بالشيئ والقبول به ولذلك يقولون وطن نفسه أي جعلها تألف وتقبل أمراً . وإذا ما تركنا المعنى اللغوي إلى المعنى الاصطلاحي فإن المواطنة يتم التعامل معها بحسبانها رابطة قانونية بين فرد من الأفراد ودولة من الدول وهذه الرابطة ترتبت عليه حقوقاً في مواجهة الدولة وترتب للدولة حقوقاً في مواجهته ، إذاً المواطنة بهذا المعنى تعني " الجنسية " . والمشتغليين بالدراسات الاجتماعية والباحثين في موضوع التنمية والدراسات الدستورية يقفون عند زاوية أخرى لمفهوم المواطنة ، فالمواطنة ارتباط الأفراد بالدولة أو بالكيان السياسي على نحو يجعل مصالحهم متوحدة بالجماعة فيستشعرون مصلحتهم مرتبطة بمصلحتها بما يقودهم للمساهمة طوعياً في نجاحها . والأستاذ هوريو يعبر عن هذه الفكرة بقولة أن المواطنة حالة إرادية ، وهو ما يجعل البعض يفرق بين المواطنين والرعايا . وقد يستنتج البعض أن صلة القانون بالمواطنة تأتي من زاوية ترتيب موضوع الجنسية والتي عبرنا عنها بالرابطة القانونية بين الفرد والدولة ، وفيما نعتقد أن موضوع الجنسية أحد صور العلاقة بين الموضوعين ولكن هناك زوايا أخرى للمسألة ، فالقانون لا يتصور وجودة إلا في طار الدولة ـ إذا استثنيا موضوع القانون الدولي ـ والدولة لا يتحقق وجودها إلا باكتمال عناصرها الثلاث ؛ الإقليم ووجود نظام سياسي للحكم والمواطنين ، والقانون أيضاً مهم لتنظيم حقوق المواطن على الوطن وحقوق الوطن على المواطن . أما عن جانب الانتماء بالمعنى العاطفي فإننا نجد في النصوص القانونية اعتناءً بالموضوع مما يدل على أهميته ، فالدستور وهو أعلى القوانين مرتبة ، يعتبر أن حب الوطن عنصر من عناصر مقومات المجتمع الكويتي ويدخل هذا المفهوم ـ حب الوطن ـ في ثنايا مقومات الأسرة ( م 9 ) ، كما أن للأموال العامة حرمة وهو ما يجعل حمايتها واجب على كل مواطن ( م 17) ، والوظائف العامة خدمة وطنية ( م 26) ، وسلامة الوطن أمانة في عنق كل مواطن ( م 156). والعرض السابق يجعلنا نخلص أن بين القانون والمواطنة أوجه متعددة من العلاقة ، وهذا التعدد يجعل البحث معقداً والعرض مطولاً يشتت الأفكار، ولذلك فإننا نقترح فكرة رئيسة تصلح أن تكون فرضية ينطلق منها الباحث وخطاً أساسياً يقود الحوار، وهي هل للقانون دور في ترسيخ قيم المواطنة ؟ وكيف يمكنه أن يقوم بهذا الدور ؟ ونعتقد بأن السؤالين السابقين يحملان في ثناياهما فرضية وهي أن هناك تحديات تواجه المواطنة أو تنافسها، وعلى المواطنة مواجهة هذه التحديات ؛ إذا علينا أن نناقش الموضوع أولاً من هذه الزاوية ، مبتدئين بتحديد عناصر هذه الفرضية . وهذه العناصر كما تطرح الآن هي الأطر المجاورة للمواطنة وتحديداً القبيلة والانتماء العقائدي 

ومن بعد بحث الموضوع من هذه الزاوية نعرض لفرضية أخرى وهي أن المساواة بين المواطنين تقوي المواطنة



أولاً : الأطر المجاورة للمواطنة

القول بأن الإنسان مدني بطبيعة يعني أنه يحتاج إلى إطار اجتماعي يوجد فيه وهذا الإطار لازم للإنسان لأنه يشبع لديه حاجات متعددة سواء كانت نفسية أو مادية أو فكرية اعتقاديه فهو عضو في جماعات متعددة في واقع الحال ، فجماعة العمل توجد إلي جوار جماعة العقيدة وإلي جوارها توجد جماعة الأسرة أو جماعة الحي الذي يسكن فيه . وينتج عن العضوية في أي جماعة من الجماعات قدر من الانتماء كما أن العضوية في أي جماعة تحقق مصلحة من المصالح ، والانتماء إلى هذه الجماعات لا يتعارض بطبيعتة مع الانتماء للوطن ، ومع ذلك فإن بعض هذه الجماعات ، وفي فرضيات معينة ، قد تشكل منافسة ، من حيث طبيعة الانتماء ، مع الانتماء للوطن . هل هذه الفرضية صحيحة ؟ ولماذا ؟ نعرض لموضوع القبيلة والدين أو الاعتقاد الديني باعتبارهما شكلين من أشكال الانتماء التي ينظر لها باعتبارها متداخلة مع فكرة الانتماء الوطني . وأهمية الموضوعين بالنسبة للدولة ـ وهي إطار المواطنة ـ راجعة إلي حقيقة إضافية وهي أنهما لا يتطابقان مع الدولة في إطارها الجغرافي ، فالقبيلة قد توجد في إطار دولة واحدة وقد توجد في إطار دول متعددة وكذلك الدين

1) القبيلة : قبل نشأة الدولة ككيان سياسي ، ينفرد بتقديم الحماية للأفراد في إطاره ويلتزم بإشباع عدد من الحاجات بوصفها حاجات عامة ، كان للقبيلة في عدد من مناطق العالم دور مهم في حماية الفرد واشباع كثير من حاجاته ، وفي بعض المناطق ذات الظروف الصعبة لم يكن للفرد خيار آخر غير الإنتماء لقبيلة ، فإن لم يكن ، في المنطقة التي هو فيها ، عضواً في قبيلة فإنه " يلفي " إلي قبيلة . والأهمية العالية للقبيلة كانت تدفع أحياناً لتكوينها نتيجة للتحالف ، إذا لم يكن هناك إطار جاهز لتكوينها وهو اعتقاد الأنتماء إلى أصل مشترك . وبعد نشأة الدولة كان من المنطقي أن تقوم الدولة بعدد من الوظائف التي كانت تقوم بها القبيلة فحماية الأفراد ووضع النظم وتطبيقها أصبح من وظيفة الدولة ، وبقي للقبيلة دور اجتماعي وثقافي . وإذا كان هذا التحول منطقياً إلا أننا نجد في بعض الأحيان استمرار للدور القديم للقبيلة ، ومن صور ذلك رجوع الأفراد لها للحصول على الحماية وقبولهم بالقواعد التنظيمية التي تقررها ، وهي في ذلك تنافس الدولة في بعض وظائفها ، فقانون القبيلة يصبح مقدم على قانون الدولة . ونعتقد أن هناك عددا من الأسباب تفسر هذه الظاهرة



أ ـ أحساس الأفراد أن مؤسسات الدولة لا توفر لهم الحماية المطلوبة أو لا توفرها لهم بنفس الدرجة التي توفرها للأخرين ، ولذلك ينكفئون للإطار القديم .

ب ـ تقوية الدولة للقبيلة وأناطة عدد من الإدوار المتوجب عليها القيام بها بالقبيلة ، وتلجأ الدولة لهذا الحل عند إحساسها بأن مؤسساتها غير قادرة على القيام بالدور المطلوب ، أو أن التعامل مع مؤسسة القبيلة على هذا النحو يسهل قدرتها على السيطرة على مقاليد الأمور، لأن الحل الآخر وهو التعامل مباشرة مع كل المواطنين، يستلزم أن يتوافر لجهاز الحكم فيها قدرة عالية على الإقناع بينما التعامل مع القبيلة يجعل أمامها عدد قليل من الأفراد تقوم باقناعهم وهم يلتزمون بتوجيه الأفراد المنتمين للقبيلة .

جـ ـ حداثة الدولة كمؤسسة ، في بعض مناطق العالم ، تجعل الإعتقاد بفاعليتها لتوفير الحاجات المطلوبة للأفراد أقل مقارنة بالقبيلة وهي المؤسسة التي اعتادو عليها، خاصة وأنها أقرب لهم في حياتهم اليومية .

ونحن نعتقد أن توافر واحد أو أكثر من الأسباب السابقة يجعل على الدولة التزاماً جدياً بالإلتفات للموضوع ، كما نعتقد أن التجاء الدولة للقبيلة يوفر منافع لمن يمارس الحكم في الدولة على المستوي القريب ،على حساب فكرة استمرارية الدولة التي ترتبط بالمواطنة فقط .

ونحن نكرر أن التحليل السابق ينصرف فقط إلى الدور السياسي والإداري للقبيلة أما الانتماء الاجتماعي فهو لا يخالف القانون في شيء ، كما نعتقد أن المسئول الحقيقي عن امتداد الدور السياسي للقبيلة هو الدولة ، لأن الفرد " المواطن " يحتاج دائماً لاشتباع حاجاته ، والطبيعة تكرة الفراغ فإن لم تقم الدولة بهذه الوظيفة فلا يلام الفرد أن بحث عن إطار آخر ، ومن كانت له حيلة فليحتال. والتحليل الذي قدمناه لايقتصر على القبيلة فقط فهو ينصرف في واقع الحال ايضا الى الاطر الاجتماعية الاخرى مثل الجذور الجغرافية لبعض السكان او حتى الانتماء لطائفة او اجتهاد ديني .

2 ـ الدين : حرية الاعتقاد حق مطلق للأفراد ، وممارسة شعائر العقائد وإن كانت في بعض حالاتها فردية ، إلا أن اغلب العقائد الدينية التي نعرفها تجمع الأفراد أثناء ممارسة شعائر العبادة . وهو ما يوحي بأن جزاً من فكرة العقيدة هو خلق " جماعة المؤمنين " وليس في ذلك ضير مادامت ممارسةالاعتقاد لا تقود إلى العدوان على أصحاب الاعتقادات الأخرى .

وفي تنظيم العلاقة بين الدين والدولة ـ ونذكر بأنها الإطار القانوني للمواطنة ـ مناهج قانونية متعددة ، وما أخذ به الدستورالكويتي هو الإقرار بدور للدين في الدولة من خلال مظاهر متعددة ، فهناك دين للدولة وهو الإسلام . والإسلام ، بمعنى الفقه وليس كل الشريعة الإسلامية ـ مصدر رئيسي للتشريع ، وفي هذه الجزئية نلاحظ أن مشروع الحكومة كان يقرر بأنه " هو المصدر الرئيسي للتشريع "

ومن مطالعة نصوص المذكرة التفسيرية للدستور ، نلاحظ بأن الاعتقادات والعبادات لم يتم إيرادها في الخطاب الرسمي ، كما أن الأعمال التحضيرية للدستور تؤكد بأن النص لا ينصرف لمذهب من المذاهب الإسلامية ، تاركاً للمشرع اختيار الإجهاد الفقهي الأكثر ملائمة للناس . وفي هذا الصدر فإن المحكمة الدستورية في الكويت تؤكد ـ في أكثر من حكم ـ بأن الخطاب الوارد في الدستور خاص بالمشرع العادي فليس لغيره أن يستنبط قواعد قانونية من أحكام الشريعة الإسلامية وهو في استنباطه ملزم باحترام بقية أحكام الدستور . والتوضيحات السابقة مهمة في موضوعنا ، فالدستور لا يرسم للمواطنة إطاراً دينياً ولكنه يقرر للمشرع أن الدين الإسلامي مصدر مهم من مصادر التشريع في حدود احترام الدستور ، وهذا المسلك مقبول من قبل المشرع الدستوري لقناعته بأن الغالبية العظمي من المواطنين مسلمين ولإعتقادة ، وقد كشفت الأعمال التحضيرية عن ذلك ، بأن الأحكام قطعية الثبوت قطعية الدلالة لا تتعارض مع مقتضيات الدولة الحديثة بمعنى الدولة التي تبنى على المواطنة وتحترم حقوق الإنسان
إذاً نخلص من العرض السابق إلى النظام القانوني لدولة الكويت لا يري في الانتماء لقبيلة او لفئة اجتماعية أو لدين ما يشكل ، بذاته ، تهديداً لفكرة المواطنة وكل ذلك لأن الدين كدين أو القبيلة كقبيلة ،وهي المثال الابرز للفئة الاجتماعية ،لا تشكل إطاراً بديلاً للدولة بالنسبة للمواطن ، فالقبيلة إطار اجتماعي وبهذا المعنى فالقانون يكفل للمواطن الانتماء للإطار الاجتماعي الذي يرغب فيه خاصة وأن القبيلة يمكن وجود صلة لها بمؤسسة يقررها الدستور وهي الأسرة ، فيمكن وضعها في إطار الأسرة الممتدة من باب التوسع في التفسير. أما الدين فهو لا يؤثر في المواطنة ـ فحرية الاعتقاد مطلقة ـ إلا من باب التشريع الذي تقرره السلطة التشريعية ، وبشرط عدم مخالفة هذا التشريع للدستور . وقد يسأل سائل وماذا لو أن الدين أو القبيلة دخل إلى التشريع من خلال تحوله إلى برنامج سياسي أو مشروع سياسي . وهذا السؤال مهم من الناحية العملية لأنه حتى في حال عدم وجود الأحزاب السياسية المنظمة إلا أن هناك أحزابا سياسية فعلية .

نحن نعتقد بعدم جواز ذلك من الناحية الدستورية لسببين

1ـ الدستور الكويتي يربط عملية الانتخاب السياسي بالمواطنة فقط ، فالسيادة للامة و هي مكونة من المواطنين . أما الدين والقبيلة فهي أطر قائمة علي الاعتقاد الديني أو الإحساس بالانتماء لإطار اجتماعي ولا يتطابق الإطاران بالمواطنة كما أن الدستور لا يربط المواطنة بهما .

2ـ التنظيم السياسي هو في حقيقته اجتماع أشخاص حول فكرة أو قناعة وبالتالي هو محكوم بالقواعد التي يقررها الدستور للجمعيات كما وردت في المادة 43 من الدستور ، والدستور يقرر في هذا الصدد أن الجمعية يجب أن تقوم على أسس وطنية كما أنها محكومة بمبدأ طوعية الانضمام . والوطنية مرتبطة بالانتماء للوطن ، وطوعية الاختيار لا تتناسب مع القبيلة لأنها إطار اجتماعي مغلق حالياً ، كما أن تغيير الدين أو الاعتقاد الديني في الغالب الأعم من الأحوال غير متصور لأن الفرد في الأصل لا يختار ديناً أو مذهباً دينيا ولكنه ، في الواقع ، يرثه

والمشرع العادي ، في قانون الانتخاب ، ينطلق في تنظيم الانتخاب من المعاني السابقة ، فيحمي عملية الانتخاب من المؤثرات الأخرى ، أو كما تعبر المحكمة الدستورية ، كي تأتي الانتخابات فتعكس إرادة المواطنين وتكون وسيلتهم في ممارسة السيادة ، ولذلك فإن قانون الانتخاب في المادة( 45 ) يجرم الانتخابات الفرعية كما يجرم استخدام دور العلم أو العبادة للتأثير على إرادة الناخبين . والخلط بين الانتخابت الفرعية التي يجرمها القانون والانتخابات الاولية التي تجريها بعض الاحزاب لتنظيم صفوفها ، ينطوي على تجاهل لطبيعة الموضوع فالحزب السياسي هو اجتماع افراد حول برنامج سياسي ينصرف للمواطنين في الدولة ، يمكن لمن يشاء منهم الدخول فيه او الخروج منه ، اما جماعة القبيلة او الدين فهي مغلقة لايمكن الدخول فيها او الخروج منها بإرادة الفرد ، وكل من الدين او القبيلة لايتطابق مع الاطار الاقليمي للدولة

وقد رأينا في ما سبق بأن الإشكالية الأكبر ، في إطاري القبيلة والدين ، في منافسة المواطنة ، تتحقق عندما لا تحسن الدولة الالتزام بدورها أو بتطبيق القانون. فهل هذا الفشل راجع لعدم وضوح مبدأً المساواة ؟ أو لعدم فعليته ؟ يلزم أن نعرض للمبدأ قبل الإجابة .
ثانياً : مبدأ المساواة

هناك ارتباط بين ثلاثة مفاهيم هي المساواة والمواطنة والسيادة سواء كانت للأمة أو للشعب
فمبدأ السيادة للأمة أو للشعب ـ وهو أساس الديمقراطية ـ لا يستقيم إلا باعتبار أن المكونين للأمة متساون في امتلاكهم للسيادة ، والمكونين للأمة هم المواطنون . وإذا كانت المساواة ، كقيمة مجردة ، مرتبط بمفهوم العدل إلى درجة أنه قد قيل بأنه جور بالسوية عدل بالرعية ، فإن المساواة التي تنطلق منها النظم الدستورية تسير في منحنيين محددين وهما المساواة أمام القانون والمساواة بالقانون . وإذا كان القانون يجمع بين نوعي المساواة فإن دوره فيهما مختلف .

  ـ المساواة أمام القانون

ظهور هذا المفهوم ، على النحو الذي نتعامل معه الآن ، مرتبط بنهاية مرحلة الإقطاع في أوربا وظهور النظرية الفردية التي صاحبت انتشار الصناعة والتجارة. وقد كان المركز القانوني للفرد مرتبط بواقعة ميلاده ليس له منها فكاك ، ولم يكن للفرد اعتراف بحقوق وحريات مقررة له بشكل متساوي مع الآخرين . ولما كانت الأنشطة الجديدة تعتمد على المبادرات الفردية دون النظر إلى المجموعة التي ينتمي لها الفرد ، إذا لزم أعلاء الإرادة الفردية كمصدر للقرارات ، ولزم أن يعتد بهذه الإرادة لمجرد صدورها عن الفرد دون ربطها بأصلة أو تحديد مركزه القانوني ربطاً بعناصر الأصل . بالتأكيد هناك أسباب أخرى لانطلاق المذهب الفردي ولكن التحول الاقتصادي واحد من أبز التفسيرات في الموضوع . والمساواة أمام القانون مبدأ عام ومع ذلك فإننا نجد أن ثلاث تطبيقات لهذا المفهوم قد تم التركيز عليها وهي المساواة أمام الأعباء العامة والمساواة أمام الوظائف العامة ومبدأ عمومية الانتخاب .

 
اـ عمومية الانتخاب :

عند بدء انتشار الديمقراطية كأسلوب في الحكم ، كان هناك تأثر بتراث الماضي ، فتم اعتماد الديمقراطية المقيدة ، فالحقوق السياسية ( الانتخاب والترشيح) لا تقرر إلا للنخبة فهي ليست لمن هب ودب . وكي يصار إلى قصر هذه الحقوق على عدد محدود ، تم اعتماد معايير يجب أن تتوافر في الناخب أو المرشح مثل الملاءة المالية أو القدرة الثقافية وبذلك يخرج عن دائرة المواطنين بالمعنى السياسي عدد مهم من الأفراد . ولكن هذا الحال لم يستمر ، لأن المنطق الذي بني عليه لم يعد مقبولاً ، فتحولت الدول إلى الاقتراع العام فكل مواطن قادر على التعبير عن رأيه هو ناخب مالم يكن ممنوعاً لسبب قانوني . والانتخاب العام هو المساواة في ممارسة الحقوق السياسية بين المواطنين .

 
ب ـ المساواة أمام الأعباء العامة :
وإبراز هذا الموضوع في الأدبيات القانونية القديمة هو رد فعل على نظام الامتيازات والإعفاءات التي كانت تقرر للنبلاء ورجال الدين ، وإلغائها يعني المساواة بين المواطنين فلا يكلف أحد منهم او يعفى إلا كما بقية المواطنين ، وفق أسس موضوعية .

ج ـ المساواة في تولي الوظائف العامة :

وإذا كان الهاجس المبرر للتركيز على هذه الصورة من صور المساواة هو مواجهة واقع التفضيل بناءً على اعتبارات الأصل ، فإن التركيز على هذه الصورة من صور المساواة قائم اليوم لمواجهة واقع التمييز على أساس الجنس ، ونجد أن هذا الموضوع لا تعرض له فقط النصوص الدستورية ( م 29 من الدستور الكويتي ) ولكن الوثائق الدولية مثل العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ( فقرة ج من المادة 25) وقد صدقت الكويت على هذا العهد بالقانون 12/1886) دون أن تحتفظ على الحكم المشار إليه . ومع ذلك فإننا نجد أن وزن التقاليد والإرث الثقافي مؤثراً حتى على صياغة التشريعات فتجد تعبير رجال الجيش أو رجال الشرطة أو رجال القضاء واردا في عدد من القوانين التي تنظم المهن المشار لها، ومع ذلك فإن قانون القضاء ( م 19) لم يورد شرط الذكورة من ضمن الشروط الواجب توافرها في القاضي . وعندما نقرر بعدم جواز التمييز في تولي الوظائف العامة ، فإن ذلك لا يمنع جهة العمل من رفض قبول المرشح الذي ترى عدم توافر الشروط الموضوعية فيه واللازمة لأداء العمل بشكل جيد . ونحن نعتقد بأن موضوع تولي المرأة للقضاء يدخل في الإطار السابق بما معناه أن الاستبعاد على أساس الجنس مخالف للدستور أما الاستبعاد لأن جهة القبول ترى عدم صلاحية المرشح فهو بطبيعة الحال جائز ، وكل ذلك تحت رقابة القضاء .

ونلاحظ بأن الدستور الكويتي قد قرر مبدأ المساواة أمام القانون في الباب الثالث وهو قد قرر شكلاً آخر من المساواة وهي المساواة بالقانون ونجد عناصر ذلك في الباب الثاني من الدستور .

 
2 ـ المساواة بالقانون : عندما تم تقرير مبدأ المساواة أمام القانون ، كان هذا التقرير يستجيب للمشكلة الأبرز آنذاك ، ففي الواقع لم يكن الأفراد متساوون من الناحية القانونية لأن مراكزهم القانونية تحددها عناصر خارجة عن إرادتهم ، ولكن بعد تقرير المبدأ اكتشف الكثير مهم أن هذا التقرير غير كافٍ , نعم هم متساوون في حق تولي الوظائف العامة أو حق التعبير عن الرأي . ولكن من لم ينل الفرصة للتعليم أو من يعاني من أمراض سوء التغذية سوف لن يستفيد من مكنة المساواة ، ولذلك ظهر مطلب جديد وهو توفير سبل المساواة الفعلية كتوفير فرصة التعليم والرعاية الصحية وهذا " الأساس " الذي ينطلق منه الأفراد يسمح بعد ذلك بتنافسهم وفق قدراتهم الشخصية . ونلاحظ أن دور الدولة في هذه المرحلة مختلف عن دورها في المرحلة السابقة ففي المرحلة الأولى الوصول إلى المساواة القانونية يقتضي عدم تدخلها بالتميز، أما بالنسبة للمساواة بالقانون فالمطلوب منها أن تتدخل لتوفير " سبيل " المساواة . وفرق أخر نجده بين نوعي المساواة فالمساواة أمام القانون يستفبد منها بحسب الاصل كل انسان مادام مركزه القانوني متماثل مع الآخرين ، فالحق في الكرامة الإنسانية أو حرمة المسكن أو الحق في التقاضي مكفول لكل إنسان سواء كان مواطناً أم غير مواطن ، فحرمة مسكن غير المواطن مساوية لحرمة مسكن المواطن وحق التقاضي يستوي فيه المواطن غير المواطن وكذلك الكرامة الإنسانية . أما المساواة بالقانون فهي تقتضي بذلاً مادياً من قبل الدولة ولذلك فمن المقبول أن تكون الأولوية للمواطنين متى ما عجزت الدولة عن القيام به بالنسبة لغير المواطنين ، ولكن ذلك لا يمنع الدولة من تقريره لغير المواطنين متى ما سمحت قدراتها بذلك . والعرض السابق في موضوع المساواة يقود بنا إلى تقرير عدد من النتائج في موضوع علاقة المساواة بالمواطنة :

ـ أن تقرير مبدأ المساواة أمام القانون وبالقانون من المفترض أنه يحقق للمواطن حاجاته وبالتالي لا يلجئ للأطر المجاورة للانتماء الوطني .

 
ـ المساواة بالقانون تقود الى ربط المواطن مصلحيا بالدولة وهو يقود بدوره ـ منطقياً ـ إلي تقوية مشاعر الارتباط بالدولة ، أي بالمواطنة لأنها هي العنوان الذي يرتبط بالدولة

ـ الديمقراطية إلى جوار كونها وسيلة المواطنين في تسيير أمورهم هي أيضاً من عناوين المساواة بين المواطنين ، لأن أساس ممارستها هو فقط المواطنة ، ولذلك فإنه ـ من المفترض ـ أن يكون لها دور مزدوج في تقوية علاقة المواطن بالدولة وتقوية علاقة الدولة بالمواطن .

بعد عرض الموضوع من خلال الأطر المجاورة للمواطنة ومبدأ المساواة نستطيع أن نقرر أن

ـ القانون الكويتي ينظر للمواطنة كعلاقة قانونية وكعلاقة انتماء ودون البعدين لا يمكن للمواطنة أن تمثل دورها في إطار الدولة .

ـ بحسب الأصل لا تتشكل الأطر المجاورة للمواطنة تعارضاَ معها بل هي حقوق مكفولة للأفراد ، فإن اظهر الواقع تعارضاً فإن ذلك يعني أن هذه الأطر تجاوزت دورها ويعني أن الدولة لم تقم بدورها .

ـ المساواة كما قررها القانون وسيلة مهمة لتقوية رابطة المواطنة ، وكي تأتي المساواة بنتائجها يجب أولاً تفعيلها

ـ الديمقراطية كعنصر من عناصر المواطنة وكأثر من آثار المساواة ، مربوط ممارستها في إطار الدولة بالمواطنة المجردة ، وأي برنامج سياسي يظل مقبولاً في حدود كونه قابلاً أن يضم أي مواطن ، فإذا بني المشروع السياسي على أسس لا تقبل بطبيعتها إلا بعض المواطنين فهو مخالف للدستور .

ـ أن المواطنة كقيمة ، واحدة من أسس الدولة ، وإذا كان اللجوء إلى الأطر المجاورة من الممكن أن يشكل هامشاً من المناورة للحكم ، ويحقق من هذه الزاوية مكاسباً على المدى القصير ، فإن ذلك يشكل بالتأكيد أضعافاً للدولة على المدى المتوسط والبعيد ، وهذا ليس في مصلحة أي نظام حاكم .

ـ المواطنة كانتماء هي بالتأكيد مشاعر ناحية الوطن وهذه المشاعر من الممكن تقويتها ومن الممكن إضعافها ، ومن مصلحة الدولة كما من مصلحة مؤسسات المجتمع المدني تقوية هذه المشاعر لأن البديل عن المواطنة من أطر ، أن تم تقديمه ، يقود بلا شك إلى خلل بالسلام الاجتماعي، لأن كل جماعة سوف تدخل في صراع مع الأخرى مستندة إلى خصوصيتها التي لا يشترك فيها بقية المواطنين ، أما المواطنة فهي الخصوصية التي تجمع كل الأطراف .

 
ـ غياب الأهداف التي تجمع المواطنين وعدم وجود مشروع مشترك ، يسمح للأطر البديلة بتقديم قضايا للجدل والخلاف ، ولذلك فإن من الحلول المهمة وجود مشروع مشترك يجتمع حوله المواطنون .

ـ في الكويت ، كما بقية دول العالم الثالث ، الدولة مؤسسة حديثة مقارنة بالقبيلة أو التجمع الديني ولذلك هي غضة في النفوس ، بنأ على ذلك فإنه من المشروع أن تكون لحماية قيمها ـ وهي أساس المواطنة ـ أولوية بالغة الأهمية

الدكتور/ محمد الفيلي

Thursday, March 11, 2010

عرب الرز وعرب الطز

فتح فوز الروائي السعودي عبده خال بالجائزة الدولية للرواية العربية أو البوكر، وهي بالمناسبة جائزة بريطانية، ملف الثقافة الإقصائية المتفشية فيما عرف بالمراكز الثقافية العربية كالقاهرة ودمشق أو عرب الهز وبيروت تجاه عرب الرز، وهم عرب الخليج العربي، وكذلك عرب الطز وهم عرب شمال إفريقيا، الذين تقولبت صورهم في أذهان عرب المراكز بأنهم إما أثرياء نفط تافهون يشترون الإبداع بأموالهم، وإما أنهم أشباه عرب يكتبون بالفرنسية، ويعيشون متفرنسين في أطراف الوطن العربي
وقبل أن يُعلَن فوز عبده خال بجائزة البوكر بوقت طويل، بدأت كل من مافيا الجوائز العربية من ناحية، وأقلام الكدر الثقافي المتشبعة بالثقافة الإقصائية حربها الإعلامية ضد لجنة التحكيم ورئيسها الكويتي طالب الرفاعي، بعد تلمسهم تغير أسلوب العمل داخل تلك اللجنة وابتعادها عن مسار توجيهاتهم ورؤاهم الضيقة التي لا تقبل ولا تعترف بوجود أي منجز ثقافي عربي خارج مدار دول المراكز.
ومن الملاحظ مما يكتب في العلن وما تضمره بعض الصدور أنه لا سبيل إلى تغيير نظرة الإقصائيين العرب حتى لو حصد عرب الرز والطز معا كل جوائز نوبل للآداب في السنوات المئة القادمة، ويا سبحان الله بعد أن كانت البوكر هي مطمع الكثيرين من الإقصائيين، أصبحت هذه الجائزة فجأة (كخة) الثقافة العربية بعد أن ترأسها كويتي وفاز فيها سعودي.
ولعل هذا الملف المترع بالأسى لما وصلت إليه حال بعض المثقفين العرب، يكشف اللثام عن أزمة حقيقية تتمثل في وجود قَبلية ثقافية نهمة تميل إلى إلغاء الأبعد فالأقرب ثم الأقرب حتى تنتهي بنفسها، ومن يظن أن مثقفي المراكز يطيقون بعضهم بعضاً أو هم على استعداد للتحالف من أجل خدمة الثقافة العربية ككل، فهو يعيش في عالم آخر غير الذي نعيشه، وهو الأمر الذي لم يعد بالإمكان السكوت عنه لأنه يحتاج إلى رجة عنيفة تنبه لخطورة الاستمرار في نهج التقسيم الثقافي لثقافة واحدة وتاريخ مشترك، وبرأينا المتواضع هناك ثلاث محطات يجب التوقف عندها في هذا الملف:
المحطة الأولى، وهي أن عرب المراكز يتعاملون بهوس شديد مع الجوائز الثقافية مثل بطولات كرة، حيث يصرون على الفوز بكل الجوائز كل مرة، وباستمرار وبكل المراكز وجميع الفئات.
المحطة الثانية أن المراكز الثقافية فقدت الكثير من قدرتها على المبادرة والريادة في مقابل تقدم دول الخليج العربي في المجال الثقافي، خصوصاً في مجال المؤسسات الثقافية المتخصصة التي تعتمد على خيرة العقول العربية، وحتى في المجال الإعلامي نجد أن أهم القنوات الفضائية العربية المؤثرة في المجالين الإخباري والدرامي هي قنوات خليجية.
المحطة الثالثة، وهي لا تقال سوى بهذه الطريقة إن بعض المثقفين العرب يمسحون أي تاريخ لهم كان في دول الخليج التي أمضوا فيها جزءا من حياتهم، وكأن ذكر تلك المعلومة تقلل من قيمتهم أو تؤخر من تقدمهم.
وفي الختام لم يكن أديب عظيم مثل نجيب محفوظ بحاجة إلى جائزة نوبل كي يعترف العالم له بأنه واحد من أهم الرواد في تاريخ القصة والرواية العربية، كما أن عدم حصول السعودي عبدالرحمن منيف على أي جائزة عربية أو دولية لا يقلل من روعة أعماله الروائية، خصوصاً خماسية «مدن الملح» التي لخص فيها بعمق حالة التحول السريعة في مجتمعات الخليج البسيطة من حياة العوز إلى حياة الرخاء بعد ظهور النفط فيها.
وأخيرا، نقول إن فوز عبده خال بجائزة البوكر لم تقدم أو تؤخر في حقيقة إمكاناته الروائية دون أن نقلل من أهمية فائدة تلك الجائزة في ترجمة أعمال الفائز إلى ست لغات، وعدم فوز باقي المرشحين خصوصا صديقي وأستاذي محمد المنسي قنديل لا ينفي حقيقة كونه مدرسة روائية تتحرك على قدمين وتنطق بلسان ساحر يطفئ ثورة البراكين، ويشعل مكانها شمعة للهدوء والـتأمل، والمهم هو أننا كعرب يجب أن نحارب التفكير الذي يقطع عروقنا ويقسم أجسادنا إلى حبات رز لا تعد ولا تحصى.

الفقرة الأخيرة : تنسب إلى الشاعر والأديب البحريني الراحل يوسف الشيراوي قصيدة، قسم العرب فيها إلى أربعة أقسام: هم عرب العز وهم العرب الذين يعيشون في أميركا وأوروبا، وعرب الرز وهم عرب الخليج الذين ينعمون بالأكل الوفير والنوم الهانئ، وعرب الهز وهم عرب مصر وبلاد الشام الذين يعشقون الشعارات ويدبكون عليها، وأخيرا عرب الطز وهم عرب شمال إفريقيا ومعنى الطز لا أعرف حقا ما معناها، ولكنه ربما كان يقصد أن عرب المغرب أداروا ظهورهم لعرب المشرق وقالوا طز فيكم
ورغم أن ذلك التقسيم لا يخلو من الطرافة فإني واثق أن الشيراوي استمده من تكرار كلام مثقفين عرب قالوه في حق مثقفين عرب آخرين، ثم صاغه هو بهذه الطريقة الرشيقة

Tuesday, March 9, 2010

المدونات الكويتية... حراك اجتماعي ولجوء ثقافي


يقول نزار قباني في قصيدته الشهيرة سقطت آخر جدران الحياء، نستطيع استعارة هذا الشطر وتعديله ليواكب موضوع عالم المدونات الفسيح، ليصبح سقطت آخر جدران الرقابة، وفرحنا، ورقصنا إذ لم تعد موانع نمو العقل والإدراك والأسئلة المحرجة في العوالم الضيقة، قادرة على صد التطورات المتسارعة في وسائل وصول المعلومات إلى الناس أو دفن الآراء في حفر التخلص من الإشعاعات المضرة عدا اجتثاث خدمة الإنترنت من جذورها أو قطع الكهرباء لضمان عدم تشغيل أي جهاز

 
إن الثقافة العربية لم تكد تستفيق من دهشة الإنترنت الذي حملها لآفاق أبعد على صعيد الانتشار والتواصل، حتى تلقت مؤخرا هدية دسمة هي المدونات الشخصية التي يمكن تعريفها باختصار 'صفحات الكترونية تفاعلية مخصصة لكتابة الآراء والأفكار في المسائل العامة والخاصة والبوح بما تحويه النفس من أفراح وأتراح'

 
ويمكن اختصار التعريف السابق بكلمة واحدة هي 'فضفضة'، قد تكون باللغة العربية أو الشعبية أو بالمزج بينهما وقد تكون باللغة الإنجليزية، إلا أن تلك الفضفضة الإلكترونية عالية الإمكانات، كونها غير مكبلة باستعمال النص المكتوب والصورة المعبرة، إذ يمكن تضمين النص التدويني مقاطع صوتية ومرئية وهو ما يمنحها طلة زاهية وتأثيرا أكثر وقعا، علما بأن ذلك النص مادة قابلة للتعليق والنقد والثناء بفضل الميزة التفاعلية التي توفرها المدونات بين المدون 'الكاتب' وزواره 'القراء'، وقد انتبهت الكثير من المواقع الإلكترونية للصحف التقليدية لأهمية تفاعل القراء مع الخبر ونعني بهم الشريحة التي تقرأ الصحف من الإنترنت فقط، وأفسحت لهم الطريق للتعليق على أخبارها، ويضاف إلى كل ما سبق ميزة هامة يمكن اعتبارها جوهر تأثير المدونات وهو خلوها من الرقابة فيما عدا الرقابة الذاتية للمدون الذي يتحمل وحده مسؤوليات رئيس التحرير ومدير التحرير والإخراج والتنفيذ والتصحيح

 
ولا تزال ظاهرة التدوين في الوطن العربي على الصعيد البحثي غير مطروقة بما يتناسب مع حجمها المتنامي، بدليل خلو عناوين الكتب الجديدة من أي إشارة لتلك الظاهرة الحديثة.

 
وظائف إضافية
وبالرغم من أن عالم المدونات في العالم العربي مازال ناشئا لأسباب تتعلق بطبيعة توفر خدمة الانترنت وجودتها، فان التدوين اكتسب سمعة واسعة بعد أن حُمل وظائف ثقيلة فرضتها ظروف الانسداد السياسي والثقافي، كسرت من خلالها كل المحرمات والتابوهات الموروثة وهي الدين والسياسة والجنس، حيث نجد أن بعضها تحول الى صحف معارضة نشيطة ونوافذ للتعبير عن الآراء المكبوتة في الشؤون السياسية وتوجيه النقد للسياسات العامة وحشد الرأي العام ضدها، وبعضها الآخر تحول الى واحات إبداعية في جميع أجناس الأدب والفنون، وهو ما أدى الى امتصاص الكثير من حالة التذمر التي يشعر بها بعض الكتاب والمثقفين الشباب من احتكار مخضرمين لأغلب وسائل الإعلام، بعد أن خاضوا في عالم المدونات وذاقوا طعم النشر الفوري والوصول الى شرائح أوسع، وخلق حالة هجرة عكسية من الرغبة في النشر التقليدي على الورق إلى النشر في الفضاء الإلكتروني، ومؤخرا دخل إلى ساحاتنا الإعلامية والسياسية والثقافية لقب 'مدون' بعد أن كنا نسمع لقب كاتب أو مفكر في دلالة واضحة إلى أن صاحب اللقب يعبر عن آرائه في مكان ما على الشبكة العنكبوتية. وبعض أولئك المدونين نجح في إصدار أول رواية أو مجموعة قصصية أو ديوان شعر بعد أن نالت نصوصه نصيبا وافرا من تفاعلات القراء الكترونيا معها.

 
المشهد التدويني
لعل مشهد التدوين الإلكتروني في الكويت ليس حالة خاصة مختلفة عما يدور في العالم العربي بل هو صورة مصغرة عنه، الا أن الحالة الكويتية تميزت بكثرة المدونات في مختلف المجالات، بعد أن كانت البداية في عام 2004 بعدد قليل، ثم تطور الوضع تصاعديا حتى وصل الى ظهور أكثر من مدونة جديدة بصورة أسبوعية، ويقدر عدد المدونات الكويتية حاليا بألف مدونة كما تشير بعض المصادر إلى أن عدد تلك المدونات يفوق ذلك الرقم بكثير

انطلقت شرارة التدوين في الكويت منذ عام 2003 بمجموعة قليلة من المدونات خلال وعقب الحرب الأخيرة في العراق، وفي العام التالي قام الشاب بدر الفريح، مواليد 1978، بتأسيس أول مجمع للمدونات الكويتية أطلق عليه اسم صفاة المدونات (http://safat.kuwaitblogs.com/) بهدف تجميع المدونات الكويتية في مكان واحد وبطريقة لا تقتصر على ذكر وصلاتها فقط بل وتغذية ذلك الموقع بملخصات طازجة لكل موضوع 'بوست' جديد ينشره احد المدونين، وكلمة صفاة مستمدة من اللهجة الكويتية وتعني الساحة الفسيحة التي كانت فيما مضى مقر النشاط التجاري وحركة الناس. ويقدر عدد المدونات الكويتية بألف مدونة مسجلة في صفاة المدونات ويصدر عنها ثمانون بوستا أو موضوعا في اليوم الواحد

 

ويمثل عام 2006 عام القفزة الواسعة في شهرة وانتشار المدونات الكويتية ويرجع ذلك إلى سببين رئيسين الأول تحول بعض المدونات إلى عامل ضغط رئيسي في ما عرف بمعركة تعديل نظام الدوائر الانتخابية، والثاني دخول المدونات في الانتخابات البرلمانية التي جرت في ذلك العام كواجهات دعائية لبعض المرشحين والتجمعات والتوجهات السياسية بمختلف أطيافها

 

ويصعب الحديث عن رقم دقيق لعدد المدونات في الكويت لعدة أسباب من أبرزها أن سهولة إنشاء المدونات لا تتطلب أكثر من تعبئة بعض البيانات ومن ثم البدء بعملية التدوين
إن الرقم المرتفع لعدد المدونات لا يعني وجود حراك تدويني بالضرورة، حيث تعاني المئات من المدونات حالة الهجر التدويني الناتجة عن تناقص الحماس للاستمرار لأسباب أبسطها أن المدون شعر بأنه قال كل ما لديه أو انه وجد أنه غير قادر على تلبية واجبات المدون كالرد على تعليقات الزوار وكتابة مواضيع جديدة بصورة مستمرة، كما أن بعض المتحمسين ينشئون أكثر من مدونة وتخصيص كل واحدة منها لنمط معين من الكتابات وبعد مرور الوقت يقوم بالتركيز على مدونة واحدة وإهمال الباقي، وجرت العادة أن من يقرر ترك التدوين يبقي على المدونة سابحة في الفضاء الإنترنتي ولا يعمد إلى مسحها، لذا الكثير من المدونات متجمدة عند مواضيع كتبت قبل عامين وأكثر
وقد طور موقع بلوقر 'blogger' الذي يقبل عليه أكثر المدونين الكويتيين خدمة جديدة يستطيع كل مدون فيها رصد حركة المواضيع الجديدة لعدد غير محدود من المدونات الزميلة وهو ما جعل عملية تصفح المدونات في غاية السهولة بدلا من تخزين العشرات منها في قائمة المواقع المفضلة، وبمعنى آخر تستطيع أي مدونة كويتية اليوم التحول إلى 'صفاة' جديدة للمدونات إذا تمكن صاحبها من إضافة ما يزيد على الألف مدونة كويتية.



الملامح الأساسية
تتسم المدونات الكويتية بالعديد من الملامح الرئيسية التي لا تختلف كثيرا عن ملامح المدونات الأخرى في العالم العربي، وهي على النحو التالي: أغلب المدونين يكتبون بأسماء مستعارة، غارقة في محاكاة الشأن المحلي من مختلف النواحي، تحظى المدونات السياسية بالشهرة والتفاعل الأكبر من قبل القراء، المدونون في غالبيتهم من فئة الشباب كما تكشف ذلك بطاقاتهم التعريفية ونوعية مواضيعهم، غالبية المدونين من الذكور، يلجأ بعض المدونين لاستعمال رموز وشعارات أو صور لشخصيات شهيرة بهدف تعريف الزوار بهويتهم السياسية أو الثقافية، يحرص المدونون على وضع حاسبات لعدد زوارهم للدلالة على حجم شعبيتهم، تخصص مجموعة من المدونات بأعمال الجرافيك الجيدة التنفيذ واستخدامها في بعض المناسبات أو عمل بوستات كاملة تعتمد على الصور المركبة، تعدد الحملات التدوينية التي تتناول قضايا هامة مطروحة على الساحة المحلية

ووصل صوت المدونات الكويتية إلى الصحافة المكتوبة حيث تحرص جريدة 'الجريدة' على وضع ملخصات لثلاث مدونات يوميا على صفحتها الأخيرة، وتفرد صحيفة 'الدار' لخمس مدونات بصورة أسبوعية، وهناك صحافة أفردت للتدوين مساحات ثابتة

 
نماذج كويتية
يزخر عالم التدوين الكويتي بنماذج إبداعية دخلت إلى عالم التدوين الافتراضي وهي تحمل رصيدا واسعا في العالم الواقعي لهدف مشترك هو تحقيق الانتشار والوصول إلى شرائح جديدة لا يمكن تحقيقها إلا من خلال الشبكة العنكبوتية، كما توجد نماذج لبعض المدونين الذين نجحوا في إصدار أول رواية أو مجموعة قصصية أو ديوان شعر بعد أن نالت نصوصهم نصيبا وافرا من تفاعلات القراء معها

 
النحات الكويتي المعروف سامي محمد افتتح مدونة تحمل اسمه (http://samivision.blogspot.com) وتضم صورا مميزة للكثير من أعماله ومواضيع كتبت عنه إضافة إلى سيرة ذاتية، ولدينا الفنان المصور رضا سالم الذي بدأ كهاو للتصوير في سن مبكرة ثم احترف بعد التخرج من جامعة الكويت سنة 1980 وعمل في كل مجالات التصوير كما عمل مستشارا فنيا للتصوير لفترة من الزمن في مجلة العربي، وصور عدد مهم من المبدعين العرب مثل نجيب محفوظ وحلمي التوني وعادل امام وعبدالحسين عبدالرضا والفنان التشكيلي خليفة القطان
وافتتح سالم إلى جانب موقعه الشخصي مدونتين هما فُلك السلام ومدونة ثانية تحمل اسمه (http://redasalem.blogspot.com)، وتعنى فُلك السلام بالرحلات البحرية التي صورها أما مدونة رضا سالم فتحمل رسالة مختصرة هي 'بالإمكان تصوير صور جيدة بمعدات بسيطة شرط وجود الموهبة التي لن تستطيع الأجهزة المتطورة تعويضها'

 

ويلخص رضا سالم غرضه من النشر الإلكتروني عموما بأن 'لا يوجد هناك انتشار يماثل انتشار الانترنت خصوصا انه غير مكلف، ومن يرغب بمشاهدة أعمالي ليس عليه سوى الذهاب إليها بكبسة زر'، وعن احتمال لجوئه للإنترنت هربا من هم الرقابة أكد سالم أنه لم يفكر في هذا الموضوع لان أعماله بالأساس لم تخض في المحاذير الرقابية.

الأديب وليد المسلم صاحب مدونة أصبوحة (http://www.osboha.blogspot.com) أكد أن الإنترنت أوصل كتاباته إلى شرائح واسعة من القراء رغم أنه يكتب وينشر منذ العام 1975 ويطالب المثقفين باستغلال كل تقدم تكنولوجي يخدم قضية الثقافة إذ مازال هناك أدباء ومثقفون يكتبون بالطريقة التقليدية أي بالورقة والقلم 'وخصوصا أن فضاء الاتصالات أصبح خدمة كبيرة للانتشار والمشاركة' معتبرا أن 'هذا الأمر يشكل قفزة بالوعي عند الإنسان، فالجريدة الورقية محدودة القراء بيد أن المدونات متاحة لكل الكرة الأرضية '.

 

وحقق المدون الكويتي 'براك' صاحب مدونة آه يا بلد (http://barrak1974.blogspot.com) سبق إخراج أول عمل إبداعي إلى الأسواق عندما اصدر ديوانه الشعري 'ديوان براك' الذي جمع فيه أغلب القصائد التي نشرها، ولحقه المدون فهد العسكر الذي أصدر روايته المعنونة 'الأطخم' لتباع في المكتبات باسم مؤلفها المستعار وليس الحقيقي كون فهد العسكر اسما لشاعر كويتي رائد فقد البصر في صباه وتوفي عام 1951، وكان المدون فهد العسكر قد نشر روايته على عدة حلقات في مدونته (http://fahadal3skr.blogspot.com) قبل أن يصدرها في كتاب يضمها جميعا

 
خلاصة عامة
لو أمكن النظر إلى ظاهرة انتشار التدوين بين الفئات الشبابية بعيدا عن فكرة التمرد السياسي أو العبث الطفولي، لوجدنا أننا نعيش واقعا جديدا يتمثل في لجوء الشباب العربي إلى الكتابة للتعبير عن آرائه وتدعيم تلك الآراء ببعض المستندات والمراجع، وهو ما يعني أننا على أعتاب مرحلة جديدة تبشر بحدوث حالة من التحول العميق في العقل العربي من وضعية الاعتماد على الذاكرة الشفهية إلى وضعية التمسك بالأسلوب العلمي والموضوعي في النقد والمحاورة والاختلاف.

الزاوية الثانية لتلك الظاهرة هي أن المدونات باتت أفضل ترجمة لحرية النشر، إذ ليس بين الفرد وممارسة تلك الحرية إلا متطلبات بسيطة لأن يقول فيها ما يجول في خاطره في اللحظة التي يختارها وفي أي موضوع كان، وإذا ما قارنا هذه الوضعية بحرية النشر في المطبوعات الورقية فإننا سنكتشف أن حرية النشر لم تعد عمليا للأفراد بل هي لمؤسسات تحتاج إلى موارد مادية ضخمة، وما حالة التدوين الحالية سوى تحقيق لأمنيات أولئك الذين يحلمون بامتلاك مساحات تعبيرية دون رقابة أو توفير إمكانات هم عاجزون حتما عن توفيرها

Thursday, March 4, 2010

أحمد الربعي... موعد مؤجل للبكاء

***
من كتب مقدمة هذا المقال قرأ المستقبل، ووصفه كأنه ماثل أمامه، وصاحبنا عاشق البحر قرأ الجواب من عنوانه وأرسل رسائله باكرا قبل أن ينتبه إليها الكثيرون

 

وهل تظنون حقا أنه رحل؟ هل موتنا نحن الذي يعني التحلل والاتحاد مع حبات الرمل، يتشابه مع رحيل أصحاب الرؤى والتبصر، الذين يملؤون حاضرنا بزوادة سمينة من صور القادم من الأيام كأنهم يؤمنون المستقبل لنا لتجنيبنا مخاطره المحتملة ، فإن تغيبوا بقيت بصماتهم تملأ فراغهم، تدل عليهم، تؤكد حضورهم المبهر؟

 
تقتضي مدرسة صاحب الأربعائيات ، البعد عن الحزن على الطريقة العربية، أفرادا ودولا، حيث يفني المرء نفسه بالتفجع المتواصل على حبيب رحل أو مال نهب، أما الدول فتخلق شماعات الأعذار وتدرجها في البطاقة التموينية لتوزيعها على أبناء الشعب. هذه الطريقة لا تدرس في تلك المدرسة إلا على سبيل الاستشهاد والتندر لأن منهجها الأساسي هو تحرير العقول من شراك ثقافة الفناء حتى الفناء

إن يوم الخامس من مارس من عام 2008 لم يسجل فيه رحيل صاحب الأربعائيات إنما صاحب الجسد الفاني كسائر البشر الدكتور أحمد الربعي ، لأن صاحب الأربعائيات مازال حيا بيننا بما كتبه عن واقع حل ومستقبل يطل، فكيف إذن يصح القول إنه مات ؟ لقد كان الحزن منطقياً على فراق أخ أكبر ومعلم فذ وسياسي بارع وخطيب مفوه مثل أحمد الربعي، ولكني سأعترف لأول مرة بأني لم أبك على صاحبي كما كنت أتوقع بعد تأكد خبر وفاته، وكأني أطبق ما علمني إياه بعدما تهاويت من الداخل عقب خسارته في انتخابات 1996م ، إذ مازلت أذكر كيف انتشلني بكلمات قليلة معبرة عن دروس الانتخابات وقسوتها على قادة عظام مثل شارل ديغول وونستون تشرتشل ، فكيف هي الحال على أستاذ الفلسفة الذي يخاطب ناخبيه بلغة العقل بدلا من تخليص المعاملات والاستقواء بالطائفة والقبيلة والعائلة؟

 
على يده تعلمنا كيفية تحويل الطاقة السلبية الناجمة عن الهزيمة والخذلان إلى طاقة إيجابية خلاقة، وكيف نستبدل بدموع الحزن دموع الفرح، واستخدام العقل كمرشد للطريق، ولنقرأ ما كتبه بهذا الخصوص

«قال: من يدلني على الطريق؟ قلت بوصلتك الأولى عقلك

قال: ثم ماذا؟ قلت عقلك!! قال ثم ماذا؟ قلت آثار أقدام من سبقوك على الطريق!!

قال: الطريق موحش! ولا خبرة لي في قطع الفيافي، ولا مؤنس ولا زوادة من طعام

قلت: التجئ إلى عقلك فلا عاصم اليوم من جهل يلف القرى والمدن، ويبحث عن مستقبله في قراءة الكف والفنجان وخرافات الشعوذة سوى العقل!...».

يوجد لدى بعض الثقافات اعتقاد بأن أرواح من يغادرون الحياة قبل انتهاء مهامهم تبقى هائمة في الأماكن التي كانت تتردد عليها، وتظهر أمام الأشخاص الذين تعتقد أنهم سيتممون ما بدؤوه نيابة عنهم ، فإن نجحوا في تلك المهمة فإن الأرواح تختفي مصحوبة بابتسامة عريضة إلى الأبد، وإن فشلوا تبقَ الأرواح معلقة وتحاول تكرار التواصل مع أشخاص آخرين حتى يتحقق مرادها بالخلاص

 

وفي ثقافتنا الشعبية يظهر لنا «المراحيم» في أحلامنا ليخبروا عن أحوالهم ونخبرهم عن أحوالنا ، وكثيرا ما سمعنا أن المرحوم مثل الجد أو الأب زعلان علينا أو هو يستشعر حدة الخلافات التي طرأت على علاقة الأهل والأبناء، صاحب الأربعائيات تجاوز هذه المراحل بكثير، واشترى الراحة الأبدية، ليس بسبب اكتمال مهمته في الحياة ، فالكويت التي حلم بها الربعي مازالت على الورق ، ولكن لأن روحه العنيدة ترفض التردد الذي حاربه بين الحياة والموت ، مكتفيا بما دوّنه لنا من مقالات وآراء وتجربة تحولت جميعها إلى وصايا مهداة للأجيال الحالية والقادمة

 
ختاما ها هي الذكرى الثانية لرحيل أحمد الربعي تحل، وإلى أن يتحقق حلمه وحلمنا، سنؤجل دموعنا عليه طالما ظلت سفينتنا الكبيرة عالقة وسط البحر الهائج، فمازال في الوقت متسع ومن وسط الخراب ينبت الأمل

 
الفقرة الأخيرة : كل ما كتب عن مهازل احتفالات العيد الوطني وعيد التحرير غابت عنه كلمة واحدة هي «همج» يمارسون أعمالا همجية، وإلا هل يعقل أن يخرج المحتفلون بتلكما المناسبتين متمنطقين بـالعجرات والعصي والفؤوس، بدلا من حمل الأعلام وصور أمير البلاد وولي عهده الأمين؟