Thursday, August 26, 2010

خطوة صغيرة نحو الحرب الأهلية


رمضان كريم، كم أتمنى لو يصفّد شياطين الإنس مع إخوانهم إلى الأبد، ولكن كيف ستكون الحياة بلا تعايش الأضداد؟ لأول إنسان هبط على سطح القمر نيل أرمسترونغ مقولة شهيرة 'خطوة صغيرة لإنسان لكنها قفزة كبيرة للبشرية'، وبالفعل إلى اليوم لم تحصل معجزات كتلك القفزة، ولكن البشر حلموا بالطيران منذ فجر التاريخ، وهو ما تحقق بعد أكثر من ألف عام ما يعني أن الوقت ليس هو العائق للغايات البعيدة
مع الأسف ما ينطبق على شغف العلماء لا يصلح مع شغف الجهلاء لأن الهدم دائماً أسهل من البناء، أقول هذا وأنا أتابع 'كربونات' أرمسترونغ الكويتية، وهي تنخر بكل إخلاص في بناء المجتمع الكويتي، كل في موقعه، كاتب أفعواني ينفث سمومه، إمام مسجد تكفيري، مدرس لا يحترم قدره، نائب سكاكيني نجح بأصوات التطرف أو التطرف المقابل، رجل دين لا يفتي بعبارة الله أعلم، وزير أو غفير يركب القانون لمن أوصله ممثلاً للقبيلة أو الطائفة أو جماعة ضغط، محطات بنزين تحت الأرض تمول الفتنة في الخفاء، صحف وقنوات تستعرض أمراضها العقلية كتابة وعلى الهواء مباشرة وأخيراً انتعاش القوميين الجدد كجيرنوفسكي الذي يريد تطهير الكويت بمسحوق غسيل، وهو بالأصل صفحة سوداء
كل ما سبق وأكثر يجعلنا نفكر في أحداث المستقبل القريب جداً ونسأل كم يلزمنا من الوقت قبل أن نبدأ ككويتيين في تحطيم أنفسنا كأي مجتمع متخلف هيمنت على الأكثرية فيه أوهام المقدرة على إبادة الأقلية وانتهت بكابوس بقاء الجميع مع المزيد من الأحقاد وبذور المقتلة القادمة؟ أقول مجتمع متخلف لأن المجتمعات المتحضرة تتعايش تحت مظلة القانون مهما كانت مختلفة في مكوناتها
لقد حاول المتخلفون من الهوتو والتوتسي محو بعضهم بعضا وفشلوا، ويجتهد الصرب كل أربعة عقود لدفن البوشناق والكروات البوسنيين وينتهون مرغمين بنفس الدولة التي تجمعهم، صدام المجرم قرر إبادة الأكراد بالغازات السامة والنتيجة رئيس العراق اليوم كردي، هل تريدون المزيد؟ التاريخ مملوء بالأمثلة والمفارقات ولكن الجهلة لا يقرأون والأنظمة التعليمية خالية من كلمة تسامح
إن الخطر الذي تعيشه الكويت علّته في عدم استشعار الإدارة الحكومية للنار التي تضطرم أمام عينيها، كما أن بعض الحكماء القابعين في شراك الحقبة الزمنية الزاهرة مغرمين بأن الكويتيين 'ما يسوونها' مع أن الكويتيين ما تركوا شيئاً إلا وفعلوه، حتى كلام التفرقة والازدراء المخصوص في المجالس المغلقة والسراديب أصبح وقاحة مقبولة في العلن ووسيلة لتأكيد الأصل والفصل، والمقرف أن مَن يردد هذه الترهات يردد أيضا 'ان أكرمكم عند الله أتقاكم'، و'كلكم لأدم وآدم من تراب'
في النهاية إن النظام مطالب بلجم كل طرف يريد مسح الآخرين بحجة أنه يمتلك الأغلبية، وليبق كل شياطين الإنس والطائفيين في بؤرهم يحترقون كمداً بمكانهم الضيق، وليسقط كل مركز اجتماعي مهما كان عدده أو دوره فلا كبير سوى أمير البلاد ولا يد تضرب غير يد القانون ولا واجهة تتولى مصالح الناس غير مؤسسات الدولة، هكذا تكون الدول القوية، وهكذا تتحقق الهيبة

الفقرة الأخيرة: إن ما يمكن دفعه اليوم بمئات الآلاف لن نتمكن غداً من إصلاحه بالمليارات والوقت المتاح حالياً لن نعوضه بالعمل عشرات السنين

Monday, August 23, 2010

سامي المنيس... عمود الخيمة


في مثل هذا اليوم وقبل عشر سنوات بالتمام والكمال فقدت الكويت والديمقراطية فيها شخصية سياسية نادرة من الجيل المؤسس للدولة الحديثة ، إنه النائب السابق سامي المنيس، رحمه الله ، الذي غادر الحياة في نفس الموعد الثابت لانعقاد مجلسه العامر مساء كل أربعاء ، مخلفاً وراءه تركة ثقيلة وأدواراً كان يؤديها بصمت أسطوري، ليس أقلها جمع أبناء التيار الوطني الديمقراطي تحت خيمة مصداقيته وقلبه الكبير

'بوأحمد' لمن لا يعرفه جسَّد الاستثناء في معادلة تطبيق الأخلاق في العمل السياسي، فلم يفْجر في خصومة أو ينقلب على مبدأ من مبادئه لتحقيق مصلحة شخصية أو انتخابية إلى أن خرج من الحياة بثوب أكثر بياضاً، بعد أن دخل معترك العمل السياسي بثوب أبيض
لقد صدق أبوفراس الحمداني حين قال ' وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر '، لأن حاجتنا إلى أمثال سامي المنيس باتت ماسة ، ليس داخل التيار الوطني المفكك فقط ، بل في حياتنا السياسية كلها، فبعد عقد من الزمان تبدلت أحوال وزاغت قلوب وذاب طعم تيار كامل كان المنيس يمثل رأسه في مجلس 99، هل تصدقون أنه رفض تسليم أوراق استجواب وزير المالية لوسائل الإعلام قبل تأكده من وصولها رسمياً إلى رئيس الحكومة؟ لأنه ليس من 'الذوق' أن يقرأه في الجرائد وهو رئيس السلطة التنفيذية، فمن يفعل ذلك اليوم؟
لقد رحل المنيس وارتاح من مشاهدة شخصيات كاريكاتيرية تلعب دور المعارضة في مسرحية هزلية وتمتشق سيوفاً خشبية تجيد استعمالها في العطل البرلمانية ، وحين الكشف عن تجاوز جديد تكفهر وجوههم لاعنين كل من يبغي تعطيل قطار التنمية، فلا هم يبادرون إلى المحاسبة وهذا إرثهم ، ولا هم يؤازرون غيرهم وهذا واجبهم الدستوري، ' بوأحمد ' 'إفتك' من مشهد المعارضة الكرتونية وهي تصطف خلف الرئيس الإصلاحي كلما دخل قاعة المجلس، وتتزاحم للتغطية على الفساد والمفسدين، 'أشكره' بلا خجل أو حياء، 'بوأحمد' الله يحبه لأنه لم يعش ليرى إعلام روبرت موردوخ يعلّم الناس الأدب و'الإتيكيت' وفنون مسح الجوخ على أصوله
لو كان مقعد سامي المنيس هو الهم لما اكترثنا فها هي المقاعد ' أكثر من الهم على القلب '، ولكنها خالية من المعارضة التي كان يمثلها 'بوأحمد' بعد أن استقر نصفها في الجيب العلوي لسمو الرئيس، والنصف الثاني في الجيب السفلي لـ'راعي الحرشا'، أما المعارضة خارج البرلمان فهي معتلة، فاقدة المبادرة، كثيرة التنائي، مدمنة البعاد ، ولو كان العدد أو الوجود فقط داخل البرلمان هو شرط التأثير في مجريات الحياة السياسية لما استطاعت المعارضة الوطنية بأقليتها صنع تاريخها المشرف في حماية المكتسبات الدستورية وثروة الشعب
إن المرحلة القادمة بكل المقاييس مرحلة مفصلية في تاريخ الكويت، تحتاج إلى وجود صوت قوي ونكهة واضحة للمعارضة الوطنية الديمقراطية ، لإعادة التوازن وكبح جماح بعض الأطراف المنفلتة، ففي ظل وجود حكومة مستعدة لفعل أي شيء كي يبقى الحال كما هو، وعلى المتضرر اللجوء إلى الحائط ، وفي ظل وجود وزراء طموحهم أكبر بكثير من طموحاتهم ، وفي ظل أغلبية نيابية يتيقن معظمها أنه لن يعود إلى مقعده ولو بعد سنة ضوئية ، نتذكر سيرة سامي المنيس ونتحسر عليها
بقي في النهاية أمل كبير في الجيل الجديد الذي رعاه سامي المنيس أن يعيد إلى المعارضة الوطنية
قوتها ونكهتها من جديد

الفقرة الأخيرة : رحمك الله 'بوأحمد' فلو نسينا كل أيامك لما نسينا 'لزمتك' الشهيرة: 'أتمنى أن أكون مخطئاً

Thursday, August 19, 2010

عايزة أتجوز


حنانيك يا أغسطس يا شهر الحزن وحصاد الأحباب، حنانيك وأنت تذكرنا كل عام بغدر الجار والعورات العربية التي تكشفت، حنانيك يا أغسطس الحار الرطب اللزج ففي مبدئك أخذت منا الحاج أحمد البغدادي 'رغما عن أنف من يكفّره'، وما إن انتصفت أيامك زدتنا حزناً بانطفاء نجمين في سماء الشعر العربي هما أحمد السقاف والدكتور غازي القصيبي، رحمهما الله بواسع رحمته.
حنانيك يا أغسطس فأغلب الأشياء الحزينة تقع بين ثنايا أيامك، فيضانات باكستان المدمرة وتزايد وتيرة التفجيرات الإرهابية حول العالم، فما الذي تطلبه أكثر؟ يا خوفي من آخرك.
***
مسلسل 'عايزة أتجوز' ليس مجرد عمل فني فكاهي يعرض في شهر رمضان، بل تقف خلفه قصة طويلة عريضة خارجة عن المألوف، فهو ليس ثوباً يُفصّل لأجل تضاريس فنانة صاعدة أو 'سبوبة' يسترزق منها منتج يعيش على الله وعلى إدمان بعض المشاهدين لكل ما يهتز على الشاشة الصغيرة، 'عايزة أتجوز' مسلسل لم يكتبه مؤلف عظيم كالراحل أسامة أنور عكاشة ولم تصنع أفكاره الرئيسية حسابات الأرباح والخسائر والفواصل الإعلانية، بل هو موجة تدوين عاتية ضربت ضربتها لتخرج من العالم الافتراضي إلى العالم الحقيقي لتصل إلى الشاشة الفضية ولتعكس المعادلة من مدونات إلكترونية تنتقد وتتفاعل مع ما يدور في الحياة ووسائل الإعلام إلى تراكض رؤوس الأموال للاستثمار في الحقل الجديد وهو 'فضفضة' عالم المدونات.
'عايزة أتجوز' قبل أن يرتقي إلى مرحلة المسلسل مر بمرحلة الرواية التي صدرت عن دار الشروق، وقبل كل ذلك كان عبارة عن مدونة إلكترونية لصاحبتها غادة عبدالعال، وهي مدونة مصرية ناقشت بصدق وعفوية قضية العنوسة في مجتمع شرقي لا يرحم وجود امرأة تعيش دون زواج، وقطفت عبدالعال قصص جنون مرحلة ما بعد الزواج لبعض الفتيات وغلفتها بأجود الصناعات المصرية، وهي النكتة.
من الواضح أن مسلسل 'عايزة أتجوز' فرض نفسه من الحلقة الأولى وسط هدير المئات من الأعمال المحشورة في رمضان، فقد وجدت الكثير من الفتيات أن ذلك العمل الاجتماعي يمثل لسان حالهن وكل واحدة فيهن 'علا' (مع الفارق بالتأكيد) والكثير من الأمهات شعرن أنهن 'أم علا'، وقمة التشويق تتمثل في أن المشاهد يعرف سلفاً أن كل مشاريع الزواج في كل حلقة ستفشل ولكن السؤال هو كيف؟ والأجمل هو أن كل نهاية مضحكة أكثر من سابقتها، العيب الوحيد في المسلسل هو أن هند صبري بجمالها، أو علا، يصعب ألا تجد عريساً من الثانية الأولى لبدء المسلسل، ولكن كما قال المثل 'الحلو ما يكمل'.
بصراحة نبهني مسلسل 'عايزة أتجوز' إلى موضوع الكوميديا الكويتية وبقية الأعمال الفنية الأخرى، فمن شروط النجاح هو ثقافة المؤلف أو على الأقل غزارة البيئة التي يعيش فيها، ومن خلال متابعتي لما يعرض من أعمال كوميدية، فهي لا تخرج عن دائرة التفاهة والاستهزاء بخلق الله وأتعسها تلك الأعمال الانتقامية التي تصفي حساباتها الشخصية مع خصومها السياسيين دون عمق أو فكرة متماسكة، ويا ليت أصحابها بحثوا في المدونات الكويتية ليتعلموا التأليف من البداية.
الفقرة الأخيرة : مجموعة من العسكريين الجامعيين يطلبون مقابلة الشيخ مشعل الأحمد الصباح نائب رئيس الحرس الوطني بعد أن حال سور الصين العظيم دون وصولهم إليه

Thursday, August 12, 2010

البغدادي... ممنوع من الموت


لقد بدأ البغدادي رحلة جديدة بعد أن فرغ من حياته الأولى التي ودّعها قبل أوانها بوصية إنسانية باهرة، فهو لم يكن لحظة عابرة في تاريخنا، بل زمن كامل ينتظر أن يعيشه جيل عقلاني غير هذا الجيل، فإذا كنا قد فشلنا في معركة المستقبل لقلة الجنود وانتكاس مشروع الدولة العصرية، فسيفرض التطور آلياته الحتمية لينتصر عقل البغدادي ورؤية الآباء المؤسسين في نهاية المطاف
عندما علم زميل دراسة أني سجلت مادة عند البغدادي عام 1992 سألني مستنكرا 'ليش ما خذ عنده هذا نحيس بالدرجات؟' أجبته بكلمتين 'أبي أتعلم'، لقد كان اختياري له في ساعة تبصر في رحلة صناعة الفارق التي لن أجدها عن معلمي 'الهون أبرك ما يكون' بل من فدائيي 'بقاء الحال من المحال' ففي مجتمع يعيش حياتين ولسانين وعين واحدة تصعب معرفة الحقيقة إضافة الى المجاهرة بها
في المحاضرات الأولى اكتشفت الفارق وأدركت أن تجاوز هذه الموجة العاتية ولا أعني هنا المادة العلمية سيجعلني أكثر صلابة في مواجهة الأزمات الفكرية وتقلبات أحوال الناس، لذلك ما انتهيت من مقرر 'فكر سياسي غربي' حتى دخلت عالم أستاذي الواسع الذي تحول إلى صديق مقرب وأخ كبير وضمير دائم يحاسبني كلما وهنت عزيمتي
أولى ثمار عالم البغدادي هي القراءة والحرص على سلامة اللغة العربية والأمانة العلمية في النقل وكأنه يجهزني لبداية جديدة في مسيرتي الصحافية، وعندما بدأ الكتابة في 'الطليعة' ثم في السياسة عاينت جرأته وتلازم مسار حديثه المخفي مع مسار حديثه المعلن وهذه عندي خير خصاله، وفي صولاته الفكرية مع أقلام... 'اللهم أني صائم' وأصحاب المصالح الضيقة، عاينت مفهوم المثقف الجبان الذي يريد إصلاح المجتمع وهو غارق مع أشباهه في صالونات التنظير لا يسمع طنينهم غير الغبار الذي تراكم فوق رؤوسهم وأغلفة أعمالهم الكاسدة فهنيئاً للغبار بهم ولأعمالهم
أحمد البغدادي كشف لي ديمقراطية بعض الديمقراطيين الذين لم يتحملوا النقد لمسار عملهم في الشأن العام عندما تداخل مع مصالحهم الشخصية، كما حمل منفرداً في أحيان كثيرة لواء تصحيح المسار لما يجب أن تكون عليه المواجهة مع الأفكار الظلامية والمشاريع التسلطية
في الختام، فإن أكثر ما أحزنني لرحيل أستاذي هو أن اليأس الذي تمكن منه في سنواته الأخيرة رغم أن الكثير من خصومه إما تواروا خجلاً خلف سرقاتهم العلمية وإما انشغلوا في جمع الدرهم والدينار... فعزائي الوحيد فيه هو العلم النافع الذي خلّفه في مؤلفاته العلمية ومقالاته التنويرية، فهل علمتم لماذا هو ممنوع من الموت؟

الفقرة الأخيرة : رسالتي إلى صاحب الأكاديمية الصحافية الأستاذ أحمد الجارالله التي خرجنا من تحت عباءتها، أن خير تكريم لكاتبكم الراحل أحمد البغدادي هو بإصدار كتاب يجمع مقالاته في صحيفة 'السياسة'، خصوصاً المقالات الفكرية الطويلة التي نشرها منتصف التسعينيات، وأنا على يقين أنك مدرك لأهمية هذه الخطوة... فمَن تحمّل بشجاعة نشر آراء البغدادي التي لا تتحملها صحف كثيرة، لن يعجز عن جمعها في سفر واحد يخلد كاتبها ومَن تبناه، شكراً مقدماً 'بومشعل'

Thursday, August 5, 2010

مليت من القبس


لا أعلم من أين خرج علينا الزميل والنائب الأسبق مبارك الدويلة بفكرة ميثاق الشرف الصحافي 'المستهلكة' التي لا يرددها سوى كتّاب السلطة عندما تزداد سخونة النقد للممارسات الحكومية، خصوصاً مع بعض الوزراء والمسؤولين الذين يصعب الدفاع عنهم بعد أن ينغمسوا حتى 'بلاعيمهم' في وحول الفساد والتجاوزات بكل أصنافها

وقد أتفق مع الزميل 'بومعاذ' في جزئية انحدار مستوى اللغة المستخدمة بين بعض الكتّاب الذين لا يعرفون توصيل أفكارهم- إن كانت موجودة أصلا- سوى على ظهر أفسد الكلمات وأكثرها سوقية، إلا أن الزميل نفسه ساهم أخيرا في متاهة الحوارات الهابطة التي لم تتوقف إلا بسبب إغلاق الصحيفة التي كان يكتب فيها فما الذي تغير؟ هل هي ضرورات التكيف مع المكان الجديد؟

شخصيا لن أستغرب من الزميل الدويلة أي تحول في مواقفه، فقد سبق له أن قال في 'القبس' نفسها ما لم يقله مالك في الخمر، فعندما أعلن موقفه الرافض لحرب تحرير العراق في أحد الدواوين كتبت 'القبس' في 17 مارس 2003 افتتاحية بعنوان 'وعادت حليمة' انتقدت فيه موقف 'عضو قيادة حزب الإخوان المسلمين في الكويت'، أصدر الدويلة في نفس اليوم بيانا وصف فيه 'القبس' بأنها كانت 'بوقا للنظام العراقي إبان الثمانينات' مضيفا أن 'صفحة الإسلاميين أكثر بياضا من أن تلوثها صحيفة لا تحترم ذاكرة الكويتيين'، الآن عندما نقارن تلك الكلمات مع ما كتبه الدويلة في مقاله الأول في 'القبس' التي وصفها بالصحيفة 'الجادة والبعيدة عن الابتذال والإسفاف' نصاب بحيرة من ذلك التناقض الغريب، فإذا كانت 'القبس' بوقا للنظام للعراقي في الثمانينيات فكيف يقبل الكتابة فيها؟ وكيف يرضى لنفسه وهو الكاتب الإسلامي أن ينتسب لصحيفة تحمل كل هذا 'الغل والكراهية والحقد على الإسلاميين في الكويت' كما ذكر في بيانه

قد يكون ما سبق رد فعل انفعالي من الزميل على صراحة افتتاحية القبس 'الملتزمة'، ولكن ماذا نقول عن رأيه فيها خلال استجواب الوزير الأسبق يوسف الإبراهيم الذي دشنت فيه عمليا مصطلحات استجوابات الحضر والبدو ومناطق الداخل والخارج في حياتنا السياسية، ففي ندوة أقيمت بديوان النائب السابق ناصر الصانع في 1 يونيو 2002 قال الدويلة إن بعض الصحف ينطبق عليها القول 'إذا لم تستح فافعل ما شئت'... وزاد 'ليدافعوا عن الوزير بحق وحكمة وليس بالباطل'، ثم أماط اللثام عن الصحيفة التي كان يقصدها بقوله 'مليت كل يوم أبعث نفي إلى جريدة (القبس) ورفعت قضية عليهم، وما كو فايدة'

الأسئلة التي تبحث عن جواب اليوم: ما الذي اختلف في 'قبس' 2010 عن 'قبس' 2002 و2003؟ وأين الحق والباطل؟ وهل قرأ الدويلة افتتاحية 'القبس' في رمضان الفائت التي قالت فيها  إن الكويت دولة مدنية دستورية ما رأيه اليوم فيها؟ وهل مازال فاقدا الأمل منها؟ أو تجدد بعد انضمامه إلى باقة كتابها؟

الفقرة الأخيرة : إلى النائب صالح الملا: إن أردت تقديم استجواب الرياضة فامض على بركة الله وحدك، ولا تلتفت يمينا أو يسارا, ولا تبنِ آمالا على أقرب المقربين منك فلن تجني غير الخذلان والامتناع