Thursday, February 24, 2011

يا شيوخنا شدو اللحاف


رحم الله الشيخ عبدالله السالم، بل نقولها ألف مرة رحمك الله يا عبدالله السالم، حصنت الكويت وأسرة الحكم في آن واحد بوثيقة الدستور قبل خمسين عاما تقريبا، وكأنك تقول اليوم يا رياح اشتدي، ويا أرض تزلزلي، فالكويت وشعبها وأسرة الحكم ثابتون راسخون تحت راية: الحكم ديمقراطي السيادة فيه للأمة
نقول هذا ليس فقط لأن عاصفة البوعزيزي في أولها والخير في الطريق، وليس لأننا نعيش فرحة أعيادنا الوطنية ومناسبة تولي سمو أمير البلاد مقاليد الحكم، بل نقوله لأن بعض شيوخنا الأعزاء- ومن دون أن نضيف أتباعهم- ما زالوا يخلطون بين معارضة الحكم ومعارضة الحكومة، وبين الحراك الديمقراطي الذي كفله دستور 62 والحراك الثوري الذي يريد استبدال نظام مكان نظام، أيها الأعزاء إن لكم في القلب منزلة رفيعة برهنها أهل الكويت في الشدة والرخاء، ولكم في تجربة الغزو المريرة خير برهان، فلا يلتبس عليكم الأمر فتظنون أن انتقاد الوزير الشيخ الذي حمل «وزر» مصالح الناس وتيسير معاشهم هو انتقاد لكم جميعا، أو تعبير عن غايات بعيدة، «فالشيخة» وحدها دون عمل لا توفر الحصانة، ولو جلس نفس الشخص في بيته لما أتاه غير المديح والثناء، أخيرا إلى بعض شيوخنا الأعزاء أحسنوا الظن بأهل الكويت، فهم كانوا وسيبقون لكم درعاً وسيفاً، فشدوا اللحاف «على الآخر»، ولا تستمعوا إلى وشايات الأقزام
كانت هذه المقدمة ضرورية للتعليق على التطور المهم في مسيرتنا الديمقراطية، فهذه الأيام نسمع عن لجنة سياسية تبحث سبل تخفيف الاحتقان السياسي من خلال عقد حوار وطني موسع، وبقدر ما نحمله من تقدير للأسماء المشاركة في هذه اللجنة والمهام المنوطة بهم، يهمنا التأكيد على أن كل الكلام عن تشخيص أزماتنا السياسية قد قيل، ومن أطراف لا أحد يشك في إخلاصها وحبها للكويت، وهو يتمحور حول نقاط رئيسة منها: ضرورة تغيير نهج التعامل مع الدستور والنظام الديمقراطي من خلال الإيمان والتسليم بهما وليس تغيير الوجوه، تزايد الفساد السياسي ودعم أطراف تفتقر للأخلاق والموضوعية لتشويه الديمقراطية، إلغاء فكرة استعمال القوة مع أبناء الشعب الحر
إن أي عمل جاد يبتعد عن إطار هذه الركائز الثلاث سيكون هدراً للوقت الثمين وتضييعا لفرصة بناء قاعدة جديدة من الثقة بين مختلف الأطراف بعد أن تكاثرت الخلافات بصورة غير مسبوقة، والأمل كل الأمل أن تشتمل توصيات اللجنة السياسية العليا اقتراح إجراء انتخابات مبكرة لمجلس الأمة، وتشكيل حكومة جديدة برئاسة جديدة تلبي احتياجات المرحلة، وتكون على مستوى خطة التنمية
إن الإصلاح الموعود تأخر كثيرا، والملفات المؤجلة بدأت بالانفجار تباعا، وآخرها ملف البدون الذي اقتصرت معالجته على والعنف والتخويف، وهنا يجب القول إن ما يصدر عن وزارة الداخلية بعد أحداث الصليبيخات والميموني لا يحمل أي مصداقية لدي؛ لذلك فأنا أستهجن تعجل كتلة العمل الوطني إدانة عنف البدون الذي قد يكون رد فعل وليس فعلا، فأمامنا الأزمة الإسكانية والجهاز الإداري المترهل الذي يحتاج إلى ثورة «نوير» والهدر في المال العام، وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، وأمامنا الكثير ولا نحتاج غير سياسة جديدة وتغيير الطاقم بأكلمه فهل ما نطلبه معجزة؟
الفقرة الأخيرة : لا يوجد أسهل من اختزال مشروعية مطالب الإصلاح الديمقراطي في البحرين بوصفها تحركات تقودها إيران حتى يصدر كل طائفي حكمه السريع بسلامة المجزرة التي ارتكبت في دوار اللؤلؤة، والتي أعلن ولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد الحداد العام لأجل أرواح من قتلوا فيها... تبّاً لازدواجية المعايير

Sunday, February 13, 2011

مصر ... أنا من يقول لا أنتم


المزاج العربي كله مصري، والنكهة الوحيدة المطلوبة هي مصر، الوجبات الثلاث كلها مصر، أما الحلوى فهي شباب مصر الذين رسموا في دفاتر التاريخ الحديث ثورة جديدة بلا راية غير راية التغيير؛ وبلا سلاح غير سلاح الكلمة؛ وبلا أيديولوجيا غير أيديولوجيا الصرخة والنكتة والغنوة والتكبيرة والقصيدة والأهزوجة والقدّاس وتحشيشة أحمد فؤاد نجم، والنوم في العراء تحت ظلال فوهات البنادق
الكل يسأل ما الذي حدث؟ الجواب: جوع بقرب جوع، ويأس فوق يأس، ومر أنجب 'أمرار'، ومظلمة بكت على صدر مظلمة، ذلك البركان الذي احتقن بهدوء أسفل المحروسة حتى أتى زمان الطائر الأزرق الذي وفق بين الرؤوس وقرّب المسافات بين الهلال والصليب، فحلّق تحت الشمس وغرّد محذرا ملايين المرات لآذان لا تسمع؛ وقلوب لا تخشع؛ وعقول لا تقنع، وفي الخامس والعشرين وقع ما كان يجب أن يقع، وسيحدث قريبا ما لا ينفع معه ترغيب أو ترهيب
لا تحاولوا بث خبر مثير هنا أو تلقوا بقطعة لحم هناك، لا تمضغوا علكة علكتها أمم لعنتموها من قبل، ولا تعجنوا الأراجيف مع الطحين المدعوم، فالناس توقفت عن أكل 'العيش' المغشوش، لا تبتذلوا أنفسكم بدس سيقان 'زهرة وأزلامها الخمسة'، بين الجماهير الغاضبة، لا فالرغبات اختزلت في التغيير، والشهوات روضت لبناء الوطن الجديد، لقد انتهى الدرس يا عبقري
هذه الأيام نقولها بطعم مختلف 'سبحان مغير الأحوال' أين الأهلي والزمالك؟ وأين ذهبت 'خناقات' المقاهي؟ وأين ريال مدريد وبرشلونة؟ وأين ذهب ميسي وكريستيانو؟ الجميع يتابع مباراة 'الجزيرة' و'العربية' و'ديربي' الـ'بي بي سي' والـ'سي إن إن'، وعندما تهفو النفس للبسمة الخفيفة تقلب الأصابع جثامين التلفزيونات الرسمية وقنوات الأذناب الحكومية، وتهزأ بأباطيلها وتدون قوائم أسماء عارها
أيها السادة: افهموها جيدا... لقد دارت العجلة وقضي الأمر، فلا 'جزيرة' حركتها ولا 'عربية' تستطيع إخفاء صوتها، مهما ضخموا في الصغيرة أو قزموا في الكبيرة، فمصر هي التي تقول لا هم أو غيرهم؛ لأن إرادة الشعوب دائما أقوى وأضخم من الأنظمة، والوقت الذي أهدر حتى ضاقت الصدور بما كان يسعها وأكثر قبل أشهر قليلة، درس يجب أن تتعلم منه بعض الأنظمة العربية، خصوصاً 'المجنونة' منها، لذلك لا بد من إطلاق الحريات، وتعزيز المشاركة الشعبية، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة على أساس المواطنة، ومحاربة الفساد ورعاية الطبقات المسحوقة، حتى تردم الفجوة بين الشعب والسلطة الحاكمة، فالإصلاحات الصغيرة المقبولة اليوم على نطاق واسع خير من القفزات المتلاحقة المرفوضة غدا
أختم بالقول هذا زمن عربي خاص قد يختلف من مكان إلى آخر، ولكن من المؤكد أن العالم العربي قبل البوعزيزي ليس هو العالم العربي بعده

الفقرة الأخيرة : حياتنا باتت خبراً عاجلاً، وشريط أخبار سفلياً، وبثاً مباشراً، وترقبوا الخطاب بعد قليل، ومؤتمرا صحافيا، ومراسلنا يقول من واشنطن، ومراسلتنا تعرضت للضرب والتكسير، وشهود عيان يقولون إن الحشد وصل إلى خمسة ملايين، وشهود عيان آخرون يقولون الحشد لم يتجاوز خمسة آلاف نفر، وخيول و'بعارين' يركبها 'بلطجية' السلطان قانصوه الغوري يقتحمون شوارع القاهرة ، وأخيراً نحن بانتظار هجوم الفيلة التي ستجلب من الحبشة لدك الخيم المنصوبة في ميدان التحري

Friday, February 11, 2011

ريتشارد الداخلية

أخطر الوزراء وأصعبهم هو الوزير العائد إلى منصبه بعد غياب، خصوصاً كلما كان ذلك العائد مناسباً لموقعه، وليس وفق مقتضيات المحاصصة التي دمرتنا

اليوم نحن أمام حالة عملية لعودة أحد الوزراء السابقين، وهي عودة الشيخ أحمد الحمود إلى منصب وزير الداخلية بدعم وتأييد من الحكم، وغطاء شعبي يستند إلى سمعة أحمد الحمود الطيبة و'سيفه' المجرب في وزارة الداخلية، وأخيراً سنقولها أنه من الواضح أن الحكومة بدأت تستوعب مطالب الناس والشارع السياسي

أمام الحمود تركة ثقيلة في وزارة لا يحكمها إلا 'ريتشارد قلب الأسد' ولايفهمها غير 'ميكيافيللي' ولا يستوعبها سوى 'عمرو بن العاص'، وأولها يتمثل في ضرورة استعادة وزارة الداخلية الثقة التي كانت تتمتع بها بين الناس؛ فاليوم أصبحت سمعة رجل الأمن والمخفر في أحط درجاتها لأن 'الخير يخص والشر يعم'؛ واليوم مَن تحصل له مشكلة يحاول قدر الإمكان حلها بعيداً عن المخافر خشية أن يتحول المتضرر إلى تاجر مخدرات أو هاتك أعراض؛ واليوم من يريد الزواج يحرص أن تكون زوجة المستقبل خالية من رجال الأمن من حيث صلات القربى، فقد تدور الأيام ويجد العريس نفسه في حبس انفرادي لأنه صرخ بزوجته؛ لأنها 'ما تعرف تطبخ له محمر يواف'

عزيزي وزير الداخلية: لقد تسلمت، من دون لف أو دوران، وزارة كاذبة، ولديها استعداد كامل لتضليل الرأي العام ونواب الأمة لحماية رؤوس بعض قياداتها، وأكبر دليل هو المؤتمرات الصحافية بعد فضيحة الصليبيخات وضرب الناس بالهراوات وتعذيب المواطن البريء محمد الميموني وقتله، رحمه الله، وإصلاح هذا الخلل يكون باستعادة المصداقية، والذي لن يمر دون إبعاد نجوم سياسة 'العين الحمراء' التي ذهب صاحبها وبقوا هم، لأن وجودهم يتعارض مع عودة الثقة بالمؤسسات الأمنية

عزيزي وزير الداخلية: هل سمعت يوما عن مسؤول أمني عوقب أو حوسب؟ وهل سمعت عن تكاليف اللوحات الإعلانية وملايينها التي أهدرت؟ وهل تصدق أن جهاز أمن الدولة انحصرت مهماته في متابعة الصحف والمتحدثين في الندوات وملاحقة كل من لا يعجبهم في الإنترنت؟ وهل تصدق أن كبار المفكرين يمنعون من الدخول إلى البلاد بناءً على 'سمعتُ وقالوا لي'؟ وهل تصدق أن وثائق خلق الله وأسرارهم التي في عهدتكم اليوم أصبحت هي المادة البرامجية لإحدى القنوات المثيرة للفتن؟! في الختام نتمنى بقلب مخلص أن تدرس مقترح إمكان تلقي قيادات وزارة الداخلية وضباطها دورات تدريبية مكثفة في مبادئ حقوق الإنسان، ودستور دولة الكويت، وقوانين الدولة، إضافة إلى تطوير المناهج الدراسية في كلية الشرطة بما يخدم ذلك التوجه، وفقك الله لخير البلاد والعباد وأبعد عنك رموز الشر ونواب كتلة 'إحنا مع الواقف'

الفقرة الأخيرة : وزير الداخلية بما أنك وزير سابق للداخلية أتمنى أن تسأل النائبة التي قالت إن وزراء سابقين هم وراء الفساد في وزارة الداخلية، هل أنت خارج القائمة؟

Friday, February 4, 2011

رسالة لأحمد شفيق

الزميلات والزملاء
فيما يلي نص الرسالة التي بعثها الاتحاد الدولي للصحفيين اليوم إلى رئيس الوزراء المصري بخصوص الاعتداءات التي يتعرض لها الصحفيون.


إلى السيد احمد شفيق رئيس الوزراءجمهورية مصر العربية

الثالث من فبراير
حضرة رئيس الوزراء
اكتب لك نيابة عن الاتحاد الدولي للصحفيين ، الذي يمثل 130 نقابة صحفيين حول العالم ويضم اكثر من 600000 صحفي، للاحتجاج باقوى العبارات ضد الهجمات التي يقوم بها مؤيدون لرئيسك ضد الصحفيين الذين يغطون الأحداث الحالية في مصر. وبحسب المعلومات التي وردتنا من اعضائنا، نقابات واتحادات الصحفيين حول العالم، علمنا بأن الصحفيون التالية اسماءهم قد تعرضوا للضرب ولهجمات عنيفة
تعرض أحمد بجاتو، مراسل لقناة العربية في القاهرة ، وفريق التصوير المرافق له للهجوم في ميدان مصطفى محمود من قبل قوات امنية ترتدي الملابس المدنية. وقد تم نقله إلى مستشفى مجاور للميدان للعلاج. تعرض مكتب قناة العربية في القاهرة للهجوم مما أدى إلى تحطم زجاج المكتب
الصحفي احمد عبد الهادي، والذي يعمل ايضا لقناة العربية ، قد اعتقل في مكان قريب من ميدان التحرير وتم اجباره على ركوب سيارة واختفى بعدها عن الانظار.
تعرض مكتب صحيفة الشروق في القاهرة للهجوم من قبل مجموعة تم وصفها بأنهم "شرطة في لباس مدني" مما اسفر عن اصابة المراسل محمد خيال والمصور مجدي ابراهيم.
تعرض الصحفي البلجيكي موريس سارفاتي للضرب المبرح ثم اعتقل بعدها من قبل جنود في حي شبرا في منتصف القاهرة. ويعمل سارفاتي مراسلا لجريد "لسوار" التي تصدر في بروكسل، وصحيفة "ليتمبو" التي تصدر في جنيف، وصحيفة "لا فو دي نورد" التي تصدر في فرنسا.
وتعرض اندرسون كوبر، مراسل السي ان ان، وفريقه للضرب من قبل انصار مبارك في ميدان التحرير. وتعرض اثنان من صحفيي الاشوسيتيد برس للضرب المبرح من قبل مجموعة من انصار مبارك. وتعرض كبير مراسلي الشرق الاوسط للقناة التلفزيونية الثانية في الدنمرك للضرب بالهراوات من قبل انصار مبارك بينما كان يقوم باعطاء تقرير مباشر للقناة. تم اجبار سيارة روبرت وينغفيلد ، الذي يعمل مراسلا لقناة البي بي سي، على الخروج عن الشارع في احد شوارع القاهرة وثم اعتقل من قبل مجموعة من الرجال الذي سلموه لمجموعة من البوليس السري. قام هؤلاء بتقييد يديه، وتغطية عينيه واخذوه إلى غرفة تحقيق ثم اطلق سراحه بعد ثلاثة ساعات.
تعرض الصحفي جون بورجفينسون، الذي يعمل مراسلا لهيئة التلفزيون الايسلندية ، للهجوم هو وطاقمه يوم الثلاثاء الماضي بينما كان يصور تقريرا تلفزيونيا حيث تم طرحه على الارض ، وتكسير كاميرته وتمزيق ملابسه. تم اعتقال ثلاثة من صحفيي قناة الجزيرة من قبل البوليس السري. وتواصل نفس القناة التعرض للضغط من شركة نايل سات المملوكة للحكومة.
كما تتعرض شركة المدينة الإعلامية الاردنية ايضا للضغوط وتهديد مماثل من قبل نايل سات.
اختفي المراسل الصحفي بيرت ساندرستروم ويخشى بأنه قد تم اختطافه. ويتعرض المصورون الصحفيون للكثير من الهجمات التي يرتكبها انصار مبارك، بما فيهم احد المصورين الصحفيين اليونانيين الذي تعرض لطعنة في رجله. تعرض اكثر من 20 صحفيا للاعتقال هذا الصباح من قبل وزارة الداخلية بما فيهم ليلى فضل، مديرة مكتب صحيفة الواشنطن بوست في القاهرة، والمصورة الصحفية ليندا دافيدسون. ولا زالوا جميعا في السجن . تم اعتقال الصحفي سيد احمد حاموش ، سويسري الجنسية، ويعمل في صحفية "لا ليبرتي" اليوم من قبل الجيش في القاهرة قرب ميدان التحرير ولم تعرف اخباره بعد. هذه مجموعة الهجمات التي وصل تقارير عنها، ومع استمرار تدهور الاوضاع فإننا نخشى أن يقع المزيد من هذه الهجمات الموجهة للصحفيين
ومن الواضح ان هذه حملة مخططة ومدبرة هدفها هو ترهيب الصحفيين ومنعهم من القيام بواجبهم الصحفي. لقد لاحظنا اعتذارك عن هذه الهجمات وعرضك للقيام بالتحقيق في التعرض للصحفيين والمدنيين. وإننا نحمل حكومتك المسئولية عن سلامة جميع الصحفيين وإننا نصر على أن تتوقف هذه الهجمات فورا

مع التحية،،
جيم بوملحة
رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين

Thursday, February 3, 2011

سقوط نظام الفولي


«... المصريين ربنا خلقهم في ظل حكومة... لا يمكن لأي مصري يخالف حكومته... في شعوب طبعها تثور وتتمرد إنما المصري طول عمره يطاطي لأجل ياكل عيش... الكلام ده مكتوب في التاريخ، الشعب المصري أسهل شعب ينحكم في الدنيا... أول ما تاخذ السلطة المصريين يخضعوا لك ويتذللوا لك وتعمل فيهم على مزاجك... وأي حزب في مصر لما يعمل انتخابات وهو السلطة لازم يكسبها لأن المصري لازم يؤيد الحكومة... ربنا خلقه كده...»
الكلام السابق هو لشخصية كمال الفولي رجل السلطة وأحد عناوين فسادها في رواية «عمارة يعقوبيان» لعلاء الأسواني، الفولي لخص صورة المصري في العقود الثلاثة الأخيرة، التي رسمتها أجهزة القهر وفراعنة كمال الفولي وحيتان النظام الرأسمالي التي ابتلعت مبادئ ثورة يوليو الاشتراكية، ومسحت عدالتها الاجتماعية ببلاط الأرض، مصر الحقيقية ظهرت كاملة مكتملة بوزنها وتاريخها ودورها وتأثيرها الإقليمي يوم الخامس والعشرين من يناير؛ لتسقط كل استفتاءات التضليل وأعلام التهليل، وتدوس على نظريات «كمال الفولي»؛ لتقول للعالم إن شباب مصر، من دون نخبة ومن دون طليعة، حر لا يقبل ذل خبزة العيش، ولا يريد الحياة خالية من الكرامة والعزة، ومصر الحقيقية قالت أيضا إنها لا تخشى أسئلة المستقبل وشكل التغيير لأنها «ولّادة» وستبقى ولّادة
ما حصل في مصر الأيام الفائتة يمكن وصفه بقوة الضعف وضعف القوة، فسيول الجموع الغاضبة الجائعة ضعيفة لأنها لا تحمل السلاح أمام قوى الأمن والجيش، ورغم ذلك حققوا سلمياً بأسبوع «بعض» ما كانوا يطالبون به طيلة ثلاثين عاماً، أما ضعف القوة فيتجلى مع قوى الأمن التي تملك كل أدوات الردع والتخويف، ورغم ذلك انهزمت أمام المواطنين العزل وأشباح المعذبين
هذا الغليان المصري الذي حرق مراحل التغيير خطر على من يريد تثبيت أوضاع ما قبل 25 يناير، فهو إن نجح في تحويل مطالبه إلى نصوص دستورية بما يحقق بناء ديمقراطياً حقيقياً فسوف تتأثر كل الأنظمة القمعية التي بدأ بعضها يستجيب للمخاض المصري؛ تجسيداً للمثل «إذا حلقوا لحية جارك فبلل لحيتك»، وهنا يجب تسجيل الموقف العظيم للجيش المصري الذي انحاز إلى مطالب الشعب، وبرأينا المتواضع أن قيام حياة ديمقراطية كاملة ستتحقق مع وجود جيش محايد يكتفي بحماية أمن مصر، وثورة يوليو هي الصيغة التي ستتوج ثورة مصر الشعبية
في الختام بقي لدي أمران، فبعد أن رأيت طلبة الأزهر بلباسهم المميز يشاركون في مظاهرات ميدان التحرير طرأ على بالي السؤال التالي للشيخين خالد المذكور وعبدالرحمن عبدالخالق: هل ارتكب طلاب الأزهر مخالفة شرعية بخروجهم في تلك المظاهرات؟ الأمر الثاني، أقول لكل من يخوّفنا بدور «الإخوان المسلمين» المستقبلي في مصر، كون «الإخوان» هم الأكثر تنظيماً وانتشارا بين الناس، إن لا يعني أنهم الأقرب إلى السلطة، فالجيش موجود والملايين التي خرجت لن تسمح لأحد أن يركب موجتها لا «الإخوان» ولا الأحزاب الفلكلورية التي تكلست قياداتها فوق مقاعدها، وهذه المرحلة صنعها الشباب الذين عرفوا الطريق وسيواصلون رسم مستقبلهم بأيديهم
ويا شباب مصر لا يهزمك كمال الفولي ولا حسن البنا

الفقرة الأخيرة : أي جرأة دفعت بالمواطن المصري لكي يشخبط على دبابة بعبارة «يسقط الرئيس»؟ وأي تعاطف من الجندي الذي رأى ما يكتب وصمت؟ اقرؤوا التاريخ ستجدوا أن الجوع والظلم يصنعان المستحيل