Thursday, November 25, 2010

يا بخت المخطوفين باليمن


قيل لي عن كرم أهل اليمن الحاتمي حكايات وروايات وعندما أسعدني الحظ قبل ثماني سنوات وسافرت إلى صنعاء للمشاركة في دورة نظمها مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان، سنحت لي الفرصة للتعرف على شواهد الكرم اليمني بأم عيني، وأبسط الناس هناك لا يتوانون عن التضحية بكل ما يملكون لأجل إكرام الضيف أياً كان أصله أو فصله أو دينه وكأن جينات 'المجعصة' مفقودة تماماً من دم اليمني
من أكثر الحكايات التي لم أنسَها لفرط طرافتها هي قصة خطف مجموعة من رجال الأعمال أو الدبلوماسيين الصينيين على أمل الحصول على فدية سخية من حكومة بلادهم، وبالمقابل لم يسأل أحد عن أولئك المخطوفين طوال فترة- استضافتهم- رغماً عنهم ولو من باب الفضول لمعرفة مطالب العصابة أو المنظمة التي أخذتهم، الجديد في هذه القصة هو أن عادة الكرم اليمني فرضت نفسها على أفراد العصابة، وهو ما دفعهم إلى 'تعليف' ضيوفهم الصينيين يومياً بالذبائح الحية و'العيوش ومرق السلتا'، وربما بالمزاج الرسمي اليمني وهو القات حتى شارف حلالهم على الفناء، وبعد أن تملكهم اليأس من الحصول على الفدية عصبوا أعين الصينيين الضيقة في ليلة ظلماء وأنزلوهم في أحد الشوارع العامة دون أن تُمس منهم شعرة واحدة
ما دعاني إلى موضوع الكرم اليمني هو حجم المخاوف الأمنية على سلامة الفرق المشاركة في 'خليجي 20'، والسبب هو التهديدات الجدية من قادة 'الحراك الجنوبي' بإفشال تلك الدورة الرياضية لأسباب كثيرة تتعلق بمطالبهم وعلاقتهم مع الحكومة اليمنية، ولسنا هنا بصدد مناقشة ذلك الموضوع ولكننا منشغلون بالمدى الذي وصلت إليه الأمور عند قادة 'الحراك الجنوبي' لكي ينسوا عادات الكرم اليمني ومع من؟ مع جيرانهم دول مجلس التعاون الخليجي لدرجة أني تمنيت أن يسلكوا طرقاً أخرى غير تخريب عرس الخليج الكروي، وهذا ما لم يحدث حتى اللحظة ولله الحمد
ما نتمناه من قادة 'الحراك الجنوبي'، وهم ليسوا قطاع طرق بالتأكيد، أن يعلنوا تجميد حراكهم ضد فعاليات دورة الخليج حتى يكرسوا روح الأخوة مع أشقائهم الخليجيين ويقطعوا الطريق على تنظيم 'القاعدة' الذي سيبقى وحيداً يتيماً في ساحة قتل الأبرياء، فهل تغلب عادة الكرم اليمني على عادات تنظيم 'القاعدة'؟
في الختام قلنا الله ستر في الأيام الماضية لأن 'خليجي عدن' انطلقت مكتملة العدد لأن وزر مقاطعتها لو حدث فلن يعلق سوى في رقبة 'حمالة الأسية' دولة الكويت كونها البلد الخليجي الوحيد الذي صدرت منه دعوات نيابية وصحافية لمقاطعتها خوفاً على أرواح لاعبينا، ولأن الكويت عادة هي المشجب المثالي للكثير من المشاكل في العالم
وبقدر ما كنا نظن أن أكذوبة 'الكويت هي السبب دوماً' قد انتهت بعد زوال نظام صدام حسين وتبعثر أيتامه وقنواته في الأزقة المعتمة، وبعد أن هيَّجوا بكوبونات النفط و'المصاري' الحرام الرأي العام العربي ضد الدولة المجني عليها فمازال وضع الكويت متقدماً ليس على صعيد التنمية البشرية مثلاً، ولكن في مجال كونها 'السبب دوماً' لمشاكل بعض العرب وآخرهم إخوتنا اليمنيون في حال تداعت أخبار مقاطعة منتخبات الخليج الكروية لبطولة عدن بعد أن قصت الكويت شريط المقاطعة بصورة غير رسمية لأن الموقف الرسمي أيد المشاركة ، وهذا ما حصل وفازت الكويت على قطر واليوم تواجه السعودية في 'عركة ' كروية تقليدية

Thursday, November 11, 2010

البدون 5 آلاف فقط

كنا على الصعيد الشخصي نتمنى من الحكومة أن تطرق باب الحل لقضية البدون من خلال بوابة الانضمام إلى الاتفاقية الدولية لعديمي الجنسية التي توفر للكويت الغطاء السياسي والقانوني للإجراءات الحكومية المتعلقة بتوفير الحقوق المدنية والإنسانية للبدون

ما الجديد في قضية البدون بعد تكدس أطنان من التصريحات والوعود الحكومية والنيابية فوق بعضها بعضا على صدر الصفحات الأولى للصحف المحلية دون نتيجة واضحة؟ يقول الخبر: مجلس الوزراء قرر إنشاء الجهاز المركزي لمعالجة قضية المقيمين بصورة غير قانونية لاتخاذ التدابير العملية اللازمة لإنجاز الحل الجذري الشامل لهذه المشكلة خلال خمس سنوات، وتعيين النائب السابق صالح الفضالة رئيسا لذلك الجهاز بدرجة وزير

خطوة مجلس الوزراء الأخيرة لا يمكن احتسابها في خانة الأصفار السابقة حيث توجد هناك نقاط مهمة تتطلب التوقف عندها، أولها تحديد الإطار الزمني لفترة عمل الجهاز المركزي، وهو ما يعني أن عمل الجهاز لن يكون مثل لجنة استكمال الشريعة التي مضى عليها عشرون عاما، وهي مازالت- تستكمل- وليس من المتوقع أن تستكمل أعمالها في السنوات العشرين القادمة، وتعد فترة السنوات الخمس كافية ووافية لأن الجهاز لن يبدأ أعماله من الصفر، ولكن من النقطة التي انتهت إليها جميع الأجهزة والجهود الحكومية مثل اللجنة المركزية لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير مشروعة، والتي يبدو أن قرار تصفيتها صدر ضمنا مع قرار إنشاء الجهاز الجديد، إذ لا يعقل وجود جهتين حكوميتين لمعالجة نفس القضية

من الواضح جدا أن قرار إنشاء الجهاز المركزي الجديد قد تم 'تفصيله' بعناية لكي يناسب رئيسه السيد صالح الفضالة، حيث ورد في توصيات اللجنة الفنية لإيجاد الحلول المناسبة لقضية البدون المنبثقة عن المجلس الأعلى للتخطيط التي كان الفضالة رئيسها، أن يكون رئيس الجهاز المركزي لمعالجة قضية المقيمين بصورة غير قانونية بدرجة وزير، وأن تؤول تبعيته الإدارية لسمو رئيس مجلس الوزراء وليس وزير الداخلية

الشيء المهم في أمر الجهاز الجديد هو طبيعة العلاقة المتوترة بين السيد صالح الفضالة وأغلبية مجاميع البدون، فهو كما هو معروف عنه رجل لا يخشى من التصريح بكل ما يجول في خاطره في قضية البدون وأي قضية أخرى، وقاعة مجلس الأمة والندوات التي تحدث فيها الفضالة تشهد بذلك، وقد سبق له في عام 2007 أن اعتبر أن عدد البدون الصحيح في الكويت لا يزيد على خمسة آلاف فقط!! ووجود مسؤول بهذه الصراحة والحزم مع برلمان يضم نوابا من دعاة التجنيس العشوائي سيعني أن الحكومة خلقت لنفسها أزمة جديدة ومتجددة لن يضيع فيها سوى المستحقين من البدون

من الإجراءات التي تسربت والتي نخشى حقا الإقدام عليها هي مخاطبة مجموعة من الدول التي يعتقد أن البدون أتوا منها، وهو ما يعني أن حكومتنا ستتبرع بمنح الأجهزة الأمنية في تلك الدول معلومات مجانية قد تستغل ضدنا عندما يتعمد البعض مساومة أحد البدون لدينا، إما أن تعمل معنا وإما أن ندعي عليك بأنك قدمت من بلدنا

في الختام كنا على الصعيد الشخصي نتمنى من الحكومة أن تطرق باب الحل لقضية البدون من خلال بوابة الانضمام إلى الاتفاقية الدولية لعديمي الجنسية التي توفر للكويت الغطاء السياسي والقانوني للإجراءات الحكومية المتعلقة بتوفير الحقوق المدنية والإنسانية للبدون، والتي من الممكن أن تكون عبر الجهاز الحكومي المشكل حديثا، وبغير هذه الطريقة من الصعب توقع اتخاذ إجراءات كفيلة بمعالجة ملف قضية البدون بصورة شاملة وعادلة

الفقرة الأخيرة: إذا كان عدد البدون خمسة آلاف فأبشروا، ستحل هذه القضية خلال أقل من سنة

Sunday, November 7, 2010

الوزير المشنص

اتركوا كل المشاكل خلف ظهوركم وانسوا خطة التنمية وملف الأزمة الرياضية وتصفية لجنة الشباب والرياضة دونا عن بقية اللجان المؤقتة، وتجاهلوا كل مشاريع الاستجوابات التي تنتظر نهاية عطلة عيد الأضحى القادمة حتى تقف بالدور أمام مكتب الأمين العام لمجلس الأمة، وركزوا أنظاركم باتجاه الوزير 'المشنص' الذي عبر من بين حقول الألغام التي انفجرت بزملائه في الحكومة الخامسة و'مرق' من وابل الرصاص الذي وُجّه في كل اتجاه صوب الحكومة الحالية، وخرج هو من كل تلك المصاعب سليماً معافى لا يصيبه الخطر أو يمسه الضرر، إنه أيها السادة وزير المالية السيد مصطفى الشمالي
إنني لا أشك لحظة أن الشمالي وزير محسود من بعض زملائه الذين خرجوا من الحكومة بسبب تهديد كلامي بتقديم استجواب لم ولن يرى النور، كما لا أظن أن أحد الوزراء الذين استجوب مرتين خلال ستة أشهر لم يسأل نفسه 'إشمعنى أنا؟ ليش مو مصطفى بعد؟'، الشمالي وزير 'مبروك' بلا ريب فهو على حظه غيَّر النائب مسلم البراك تخصصه من ملاحقة وزراء المالية إلى وزراء الداخلية وسقط اسمه من قائمة الوزراء المستجوبين في الجلسة التاريخية التي 'كرَّت' فيها أربعة استجوابات متتالية بعد أن وجد النائب خالد الطاحوس أن استجواب الشمالي لا مكان له في هذه الزحمة التي تكشفت من بين غبارها أغلبية نيابية جعلت من تقديم أي استجواب جديد مباراة معروفة نتائجها سلفاً، والدليل استجوابا وزير الإعلام وسمو رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد اللذان انتهيا إلى 'ماميش'
الوزير مصطفى الشمالى الذي مرت عليه الأزمة المالية العالمية برداً وسلاماً لا يحتاج إلى أن يصحح أو ينفي تصريحاته رغماً عنه، فهو يختار ويحدد ما يريده في المرحلة الجديدة، قال للناس 'الأمور جميلة والسوق بخير... لقد حان وقت الشراء'، فسمعنا أصوات رؤوس الناس وهي 'تخبط' في رخام مبنى البورصة، ولم نسمع عن استجواب 'فاست فود' يقدم ضده كما تسابق من قبل نائبان من أجل استجواب وزيرة الصحة السابقة والنائبة الحالية معصومة المبارك على حريق شب في أحد المستشفيات 'قضاءً وقدراً'، الوزير الشمالي بشَّر 'الغلابة' قبل شهر رمضان بأن رواتب أغسطس ستنزل قبل موعد شهر الصيام ورواتب سبتمبر سيجدها الموظفون في حساباتهم قبل العيد، وراحت الأيام وصرح الوزير من تلقاء نفسه 'لا يبا ما نقدر... أي دولة تقدر تصرف راتبين في شهر واحد' طيب ألم يسأله 'أحد ليش تصرح من الأساس؟'
أما الشيء الخطير في الوزير الشمالي فهو والله أعلم 'عينه حارة' بدليل أن التكتل الشعبي اختلف على قوانين حساسة كان من الممكن للجبال أن تتفتت بسببها لو أنها طرحت قبل سنتين؛ مثل قوانين الخصخصة وصندوق المتعثرين، ولكنها عبرت الصعاب بلمح البصر، أخيراً فإن كل مواطن كويتي رافض أو 'مرعوب' من فرض الضرائب، ما عليه إلا أن يتابع جيداً تصريحات الشمالي في هذا الخصوص، لأن قاعدته هي عكس ما يحصل دائماً، واستناداً إليها فقد صرح الوزير قبل شهرين تقريبا بأنه لا يوجد توجه حكومي لفرض ضرائب على المواطنين، وهو ما يعني أن الضرائب قادمة قادمة والأغلبية النيابية جاهزة ومستعدة للموافقة عليها


الفقرة الأخيرة: 'عيني عليك باردة والله يحفظك'