Thursday, June 23, 2011

أحمد الخطيب ..وقف وطني للوطنيين



يغالبني قلمي كل مرة فيغلبني حيناً وأغلبه مرات، هو يريد الانطلاق إلى الأبعد الأشمل، وأنا بحدودي الضيقة الخانقة أستعمله في معارك الكرّ والفرّ ضد ثقافة الحكم قبل المداولة والوطنية أنا ومن يتبعني
قلمي لم أهزمه لقوتي أو لفرط ضعفه، لكنه صراع الحجج الذي ينتهي لمصلحتي، فالوطن أكبر منا جميعاً، والهروب بكلمات الانفصال عن الواقع عمل لا أتقنه ولا أريده، فتلك مهارة تناءيت عنها لـ»ثورجية الغرف المغلقة» والمناصحة بالسر، فالوطن يئن تحت طائلة السباحة عكس التيار والركض دون توقف
اليوم أنا وقلمي على وفاق بعد مقال «لوعة الغياب»، فالوطن وأناته و«إبرة» الخطيب اجتمعا في قارورة أفكاري، في قعر وجداني، فيا له من وفاق حين ينسجم القلب مع العقل، والأنا مع جموح القلم، حينها تنساب الكلمات دون حواجز الشعور بالتقصير أو التأجيل
أوائل السبعينيات كنت صاحب «صخاين» ومتمرد على تناول الطعام حتى أصبت بفقر الدم، كان الله في عون أمي وأطال عمرها، فقد بذلت معي وحدي ما بذلته مع كل من سبقوني، في إحدى المرات أصبت بحمى طويلة الأجل وعناد طفولي يرفض الذهاب إلى الطبيب حتى أرغمت على الذهاب إليه، هذه المرة إلى عيادة أحمد الخطيب
في الطريق ما زلت أتذكر أم بدر، أمي، وهي تردد «ما تقومه إلا إبرة الخطيب»، جلست أمامه وأخذ يتفحصني ويداعب «فلافلي» لأن السمر «يحنون» إلى بعض، قال لي بنبرة حانية بعد استشعاره رفضي له «إذا ما تبي تشوفني مرة ثانية… إكل زين»، وصفته الوقائية كانت مفيدة أكثر من إبرته، وبالفعل تعافى الطفل الهزيل وانتهت مشكلته مع فقر الدم بعد أن عرف طريق «الدرابيل» صباحاً و«القبوط» على الغداء
في صباحات السبت لا يكتمل يومي بغير أداء قبلتين على رأس أحمد الخطيب، وهو جالس على عرش التواضع في مبنى «الطليعة»، الأولى أطبعها عرفاناً له لدوره في وضع الدستور وصيانة كرامتي بالديمقراطية، والثانية لثباته الأسطوري على مبادئه وابتعاده عن المهاترات
من عادته الصمت والإنصات لكل الآراء التي تصطرع في حضرته، وعندما يحيد المتحدث عن صلب الموضوع يقاطعه بلباقه «مو موضوعنا هذا»، ديوانه العامر درس حي لمفهوم «القيمة الذاتية» للإنسان، فهو رجل بلا منصب يلوي به ذراع أحد، وخال من «الدسم» الذي يستعمل في شراء الولاءات والأتباع، هو قيمة بحد ذاتها يسعى الكثيرون إلى نيل تزكيتها وليتهم يفلحون
أحمد الإنسان ليس آلهة إغريقية حتى لا يخطئ وليس طاغية حتى لا ينتقد، بل بشر يصيب ويخطئ، وسيرته السياسية معروضة أمام الناس وتحت الشمس منذ الأربعينيات، مارس الاختلاف مع نظيره العم جاسم القطامي، فنجح في الجهراء كما نجح في الروضة، وخسر في الانتخابات كما يخسر كل السياسيين، هو وقف وطني لكل الوطنيين، ووقف ديمقراطي لكل الديمقراطيين، لا يقيده منبر ولا يملك رأيه تحالف؛ لأنه وهب نفسه لكل الكويتيين منذ زمن بعيد، زمن لا يدركه المستجد ولا يستوعبه طارئ السياسة
ختاما تريدون مجد الخطيب؟ «سهلة» قلدوه
الفقرة الأخيرة: الخطيب لا يحتاج إلى إعادة تعريف كما يحتاج غيره، هو أحمد الخطيب وكفى

Thursday, June 9, 2011

جمعة الإختطاف


لقد تحدث النائب عبدالرحمن العنجري في “جمعة الاختطاف” وطالب بالملكية الدستورية التي تمس قواعد النظام الديمقراطي، ولكن كلامه “ذهب مع الريح”، أما “وثيقة البراك” فوقفت في حلوق الكثيرين لأنه طرحها “بزغالة” سياسية لتفكيك أكثر من عقدة؛ فإن من يريد وزير التنمية ولا يريد الرئيس تورط، ومن يريد الرئيس ولا يريد وزير التنمية أيضاً تورط، وأول من احتقنوا في هذه الورطة هم دمى الإعلام المصطنع، فبعد أن أخذوا الضوء الأخضر لتصفية وزير التنمية وجدوا أنفسهم مرغمين على الدفاع عنه لأن رفض الوثيقة لا يكون إلا مثل القبول بها “بالدبل”.“وثيقة البراك” من حيث المبدأ لا تخالف الدستور مثل وثيقة الولاء والبراء من المعارضة والمعارضين التي “بصم” عليها 21 نائباً قبل موعد جلسة التصويت بثمانية أيام، لأنها إما اجتهاد وُلد في لحظة حماس زائد، وإما نية مبيتة لتعديل مواقف واتجاهات بعض النواب، والأمر لدينا واضح لا يوجد طلب طرح ثقة بوزيرين في ورقة واحدة، وكذلك لا يجتمع كتاب إعلان عدم تعاون مع رئيس حكومة وطلب طرح ثقة بوزير أيضاً في ورقة واحدة، وما هو أمامنا بيان مناشدة لصاحب الأمر لا يختلف عن مناشدات كثيرة وجهت داخل البرلمان وخارجه.الشيء المزعج خلال الأيام الماضية هو محاولة اختلاق وقائع لا وجود لها لإيهام الرأي العام بوجود صفقة بين رئيس الحكومة وبعض الكتل، فمثلاً تحاول صحيفة “الآن” الإلكترونية حشر ثلاثة أعضاء من كتلة العمل الوطني في “وثيقة رولا” هم عبدالله الرومي وعادل الصرعاوي وأسيل العوضي، وقد أثار هذا الفعل استغرابي، فما هو منشور في أغلب الصحف يومي 9 و10 ديسمبر 2009 هو بيان وقعه 21 نائباً ليس من بينهم النواب المذكورون، وقد وجدت في مدونة “دستورنا سورنا” صورة عن “وثيقة رولا” الأصلية وبخط اليد ليس من بينها تواقيع النواب الثلاثة المذكورين… فمن أين جاءت هذه الأسماء؟ وبافتراض أن الثلاثة وقعوا فهل يعني ذلك أن الكتلة بأكملها وقعت؟لم أجد حتى في صحف التوجيه المعنوي ما يفيد بوجود موقعين أكثر من الواحد والعشرين نائباً، ولو وجد أكثر لحرصت هي قبل غيرها على نشره بكل فخر واعتزاز، فما حصل ذلك اليوم ذهب إلى غير رجعة لأن كل الحسابات تغيرت والفارق الضئيل بين المؤيدين والمعارضين في آخر استجواب لسمو الرئيس أكبر دليل، واليوم يجب أن نقول لمن وقع على “وثيقة البراك” أهلاً وسهلاً، ولمن رفض مثل كتلة العمل الوطني والنائب حسن جوهر أيضاً أهلاً وسهلاً، لأن “الرك” على كتاب عدم التعاون، وساعتها سينكشف الصادق من المتلون


الفقرة الأخيرة: “جمعة الاختطاف” هي الجمعة التي استولى فيها النواب على الحراك الشبابي، فهنيئاً لمن دعاهم… وهنيئاً لمن نسق معهم

Thursday, June 2, 2011

سقوط الهالة



في الثمانينيات خصوصاً هنا في الكويت كان من المخاطرة نقد التيارات الدينية الصاعدة، لاسيما «الإخوان المسلمين»، لأن ذلك مربوط بنقد الدين نفسه ومن يرد الوصول إلى الأعلى فليس عليه سوى التمظهر بالتقى والورع في عمله والديوانية، وكذلك الدعاء للمجاهدين الأفغان بالنصر، لأن مؤسسات الدولة بأسرها «تأدينت»، وما إن وقع الغزو العراقي للكويت واكتشف الكويتيون طيب عدالة الجماعات الدينية وفوقها مرئيات القوميين والاشتراكيين، حتى تهاوت هالتهم، ولم يعد أحد يخشاهم لا في عالم الدين ولا في عالم السياسة
في تونس بن علي، وهي الأولى عربيا في ترتيب أنظمة القبضة الحديدية، سقطت الهالة فجأة على يد البوعزيزي ليكتشف الشعب التونسي الذي تشرب الظلم والقهر أن اللحظة التاريخية قد حان موعدها، وأن النظام الفاسد متآكل منذ زمن ولا يحتاج إلى أكثر من «عربة» لدفعه إلى مزبلة التاريخ، ونفس الشيء حصل في مصر التي أشيع لزمن أن شعبها قابل «للمط» وسيصبر إلى ما لا نهاية، وفي لحظة الحقيقة تمدد الشعب للمرة الأخيرة، ولكن حول رقبة النظام حتى فقد الوعي وسقط مضرجاً بفساده
فتاة سعودية هي منال الشريف فعلت معجزة بمقاييس مجتمعها الذي تهيمن عليه المؤسسة الدينية المتشددة هي قيادة سيارتها في منطقة الخبر، وهو أمر محظور في السعودية، ولأنها اختارت اللحظة «الصح» في زمن تهيأت له ظروف الإصلاح والقيادة المتفهمة، فإن تلك الفتاة ثقبت فتحة بحجم رأس الدبوس في السد الاجتماعي المغلَّف بفتاوى التحريم؛ ستكون كافية مستقبلاً لانهياره بعد أن انهارت هالة الخوف
الهالة، وهي ستارة تعمي العيون وتخدر العقول، أحاطت بالوزير الشيخ أحمد الفهد لفترة، وهو بحق كان وما زال يعد من أفضل كوادر الأسرة الحاكمة الشبابية من حيث القدرات الشخصية وشبكة تواصله الاجتماعية، وفوقها تمرسه في الخدمة العامة سواء من خلال مناصبه الرياضية أو من خلال عمله في الحكومات المتعاقبة
«بوفهد» وطوال مسيرته الرياضية والسياسية حاز إعجاب الكثيرين، وكيلت بحقه المدائح والألقاب حتى وهو خارج الحكومة، ومنذ عام 2009 يرجع الكثيرون وأنا منهم، فضل استقرار الحكومة السادسة ونجاح وزرائها في عبور جلسات طرح الثقة إلى تكتيكات الوزير الفهد حتى سقطت بعد أن تحول الضغط النيابي للفهد نفسه
ما حصل في جلسة يوم الثلاثاء الماضي لا يعنينا كثيراً لأن تطاحن أبناء العمومة موجود منذ زمن، لكنه بالأمس خرج إلى العلن بصورة غير مسبوقة، وانتقال فريق الفهد إلى الضفة الثانية لا يعني أن المعركة قد انتهت وحان موعد رحيله، بل ما أراه هو أن المعركة قد بدأت ومن الداخل لأن الفهد هو الذي «لاعب» حكومات سمو الرئيس حتى دخلها مجدداً، فسجلت الحكومة السادسة أطول أعمار حكومات الشيخ ناصر المحمد
ما حصل هو أن الوزير الفهد فقد هالته الإعلامية والكاريزمية بعد أن ثبت أنه لا يريد التعامل مع حقيقة أنه معرض للمساءلة؛ مع أن رئيسه صعد المنصة قبله مرات، كما ثبت أنه يعمل بقدرات بشرية قد تتوافر في وزراء آخرين، وهو إن تمكن من عبور استجوابه فلن يستطيع استعادة الهالة التي اكتسبها لزمن طويل


الفقرة الأخيرة : يبدو أن سمو الرئيس بات قادراً على توفير الأغلبية النيابية دون الحاجة إلى وزير التنمية