على الرغم من تنافس القنوات الإخبارية على متابعة الثورة الليبية فإن الجانب التاريخي لمرحلة ما قبل القذافي لم يُعطِ المشاهد الذي انفتحت شهيته حقه لمعرفة تاريخ هذا البلد الذي حكمه مهرج طوال أربعة عقود، في صيف 1994 كنت أبحث في لندن عن الكتب الممنوعة في الكويت، والتي أتمكن من إدخالها بسهولة طالما أني مسافر مع العائلة، أما لو كنت وحيداً فيتم تقليبي مثل علبة البيبسي الفارغة
أحد تلك الكتب، ولم يكن ممنوعا، بعنوان 'صفحات مطوية من تاريخ ليبيا السياسي'، هو عبارة عن مذكرات رئيس وزراء ليبيا الأسبق مصطفى أحمد بن حليم، تعرفت من خلاله على تاريخ ليبيا الملكية دون تخطيط مسبق؛ بعدما اختزل القائد المجنون ليبيا بشخصه، فهذا البلد قبل القذافي كان صحراء قاحلة لا يعيش فيها سوى الجرذان والقمل، وعندما نزل إليها القائد نصف الإنسان ونصف الآلهة من غيمة وبيده قيثارة الحب ضرب بأقدامه الأرض فتشققت ليخرج منها نهراً عظيماً سقاها فأنبتت الزرع والأزهار والكتاب الأخضر واللجان الثورية
من صفحات الكتاب الذي بلغ 847 صفحة مشاهد تستحق التوقف، وتفاصيل تنازل 'أبو الاستقلال' الليبي الملك إدريس الأول– وكان يلقبه الانقلابيون بإبليس- عن العرش بسبب عدم مشاورة الحكومة له قبل اتخاذها قرار إلغاء الاتفاقيات العسكرية مع أميركا وبريطانيا، وكانت إذاعة صوت العرب قد هيجت الجماهير الليبية ضد القواعد الأجنبية وروجت أن ليبيا ستطعن عبدالناصر من الخلف إذا ما حاول ضرب إسرائيل، وفي 24 مارس 1964 في مدينة البيضاء استدعى الملك كلاً من رئيس الوزراء ورئيسي مجلس الشيوخ والنواب وسلمهم خطاب تنازله عن العرش لشعوره أنه في واد وحكومته في واد آخر، ورحل إلى مسكنه الخاص في طبرق مفسحاً المجال أمام أي تغيير يريده الشعب
بن حليم ينقل لنا الأيام الأخيرة قبل انقلاب القذافي، ففي أغسطس 1969 وزع منشور سري تناول الملك إدريس بالسباب البذيء في شخصه، وكان في منتجعه الصحي في اليونان، وعندما علم بذلك استشاط غيظاً، وقرر من جديد التنازل عن الحكم، بن حليم كان في زيورخ عندما تلقى نبأ الانقلاب، ولأنه يعرف شخصية الملك المسالمة بذل جهدا كبيراً للاتصال به لإقناعه بضرورة العودة السريعة إلى طبرق لأن وجوده في ليبيا سيفشل الانقلاب
المدهش هو رد فاطمة زوجة الملك على زوجة بن حليم التي نجحت في الاتصال بها، حيث قالت 'إن الملك مرتاح والأمور على ما يرام'، سبب ذلك الرد الغريب عرفه بن حليم من الملك نفسه بعد نجاح الانقلاب، وهو 'لقد تلقى الملك رسالة عاجلة من السلطات المصرية تنصحه بالامتناع عن أي محاولة للعودة إلى ليبيا لأن أي وسيلة يستعملها في محاولة العودة ستنسف في الطريق!!'
وفي ختام كتابه يستذكر بن حليم كرم المملكة العربية السعودية التي منحته هو وأسرته جوازات سفر لتسهيل تحركاتهم بعدما أصبح مطلوبا من نظام القذافي، وبعد أن تيقن أن بقاءه في المهجر سيطول، طلب بن حليم الحصول على الجنسية السعودية عام 1975 من الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز عندما كان النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء الذي رحب به، وقال: إن المملكة تتشرف بانتماء شخص مثلكم إليها
شخصياً أدعو أن يمد الله في عمر مصطفى بن حليم حتى يدرك هو وكل من شردهم القذافي لحظة العودة إلى وطنهم العزيز، والسجود ركعتين على ترابها شكرا لله
أحد تلك الكتب، ولم يكن ممنوعا، بعنوان 'صفحات مطوية من تاريخ ليبيا السياسي'، هو عبارة عن مذكرات رئيس وزراء ليبيا الأسبق مصطفى أحمد بن حليم، تعرفت من خلاله على تاريخ ليبيا الملكية دون تخطيط مسبق؛ بعدما اختزل القائد المجنون ليبيا بشخصه، فهذا البلد قبل القذافي كان صحراء قاحلة لا يعيش فيها سوى الجرذان والقمل، وعندما نزل إليها القائد نصف الإنسان ونصف الآلهة من غيمة وبيده قيثارة الحب ضرب بأقدامه الأرض فتشققت ليخرج منها نهراً عظيماً سقاها فأنبتت الزرع والأزهار والكتاب الأخضر واللجان الثورية
من صفحات الكتاب الذي بلغ 847 صفحة مشاهد تستحق التوقف، وتفاصيل تنازل 'أبو الاستقلال' الليبي الملك إدريس الأول– وكان يلقبه الانقلابيون بإبليس- عن العرش بسبب عدم مشاورة الحكومة له قبل اتخاذها قرار إلغاء الاتفاقيات العسكرية مع أميركا وبريطانيا، وكانت إذاعة صوت العرب قد هيجت الجماهير الليبية ضد القواعد الأجنبية وروجت أن ليبيا ستطعن عبدالناصر من الخلف إذا ما حاول ضرب إسرائيل، وفي 24 مارس 1964 في مدينة البيضاء استدعى الملك كلاً من رئيس الوزراء ورئيسي مجلس الشيوخ والنواب وسلمهم خطاب تنازله عن العرش لشعوره أنه في واد وحكومته في واد آخر، ورحل إلى مسكنه الخاص في طبرق مفسحاً المجال أمام أي تغيير يريده الشعب
بن حليم ينقل لنا الأيام الأخيرة قبل انقلاب القذافي، ففي أغسطس 1969 وزع منشور سري تناول الملك إدريس بالسباب البذيء في شخصه، وكان في منتجعه الصحي في اليونان، وعندما علم بذلك استشاط غيظاً، وقرر من جديد التنازل عن الحكم، بن حليم كان في زيورخ عندما تلقى نبأ الانقلاب، ولأنه يعرف شخصية الملك المسالمة بذل جهدا كبيراً للاتصال به لإقناعه بضرورة العودة السريعة إلى طبرق لأن وجوده في ليبيا سيفشل الانقلاب
المدهش هو رد فاطمة زوجة الملك على زوجة بن حليم التي نجحت في الاتصال بها، حيث قالت 'إن الملك مرتاح والأمور على ما يرام'، سبب ذلك الرد الغريب عرفه بن حليم من الملك نفسه بعد نجاح الانقلاب، وهو 'لقد تلقى الملك رسالة عاجلة من السلطات المصرية تنصحه بالامتناع عن أي محاولة للعودة إلى ليبيا لأن أي وسيلة يستعملها في محاولة العودة ستنسف في الطريق!!'
وفي ختام كتابه يستذكر بن حليم كرم المملكة العربية السعودية التي منحته هو وأسرته جوازات سفر لتسهيل تحركاتهم بعدما أصبح مطلوبا من نظام القذافي، وبعد أن تيقن أن بقاءه في المهجر سيطول، طلب بن حليم الحصول على الجنسية السعودية عام 1975 من الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز عندما كان النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء الذي رحب به، وقال: إن المملكة تتشرف بانتماء شخص مثلكم إليها
شخصياً أدعو أن يمد الله في عمر مصطفى بن حليم حتى يدرك هو وكل من شردهم القذافي لحظة العودة إلى وطنهم العزيز، والسجود ركعتين على ترابها شكرا لله
الفقرة الأخيرة : حركة 'كافي' أو جماعة السور الخامس نحن معكم يوم 8 مارس، وللعلم يصادف في هذا التاريخ يوم المرأة العالمي
No comments:
Post a Comment